ظافر أحمد أحمد:
حتّى اللحظة تسوّق السياسة الغربية ومنظومة الإعلام الناطق باسمها مقولات تخص إدلب، وتصفها تلك المنظومة بأنّها المعقل الأخير أو الأهم أو الأبرز لما تسميه (المعارضة السورية).
وهذا التسويق هو مواصلة لفصول التزوير في المفاهيم والمصطلحات التي ارتبطت بالحدث السوري منذ بدايته عام 2011، وما زالت المنظومة الغربية وأدواتها في المنطقة العربية تضخّ على الرأي العام السوري والعربي والدولي الحدث السوري مقروناً بخلفية أساسية على أنّه صراع بين (قوّات حكومية وقوات معارضة) مخفية الرعاية الغربية لقوى الإرهاب وجهود تمكين الإرهاب على حساب السيادة السورية، بل وتوطينه في الأرض السورية.
القاصي والدّاني ممن يتابع الشأن السوري يعرف أنّ المسيطر الأساسي على معظم محافظة إدلب هي جبهة النصرة الإرهابية باسمها المحدّث (هيئة تحرير الشام..)، والتصنيف الأممي لها بأنّها منظمة إرهابية.
كما أنّ تقاسم الانتشار بين قواعد الاحتلال التركي في محافظة إدلب مع جبهة النصرة والتعايش التركي مع هذه القوة الإرهابية ودعمها ورعايتها يلغي أيّ إمكانية للحديث عن قوّة في إدلب ذات هوية سورية تنطبق عليها صفة المعارضة.
ولا يمكن لانشقاق جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة (إذا كان هذا الانشقاق حقيقياً) تغييب صفتها الإرهابية، وهي التنظيم الذي يمتلك كامل مواصفات الإرهاب القاعدي كمواصفات (داعش) المتطرف.
وربما من الدقة تحديد جبهة النصرة كتنظيم أخطر من (تنظيم داعش) لأنّ التوجه الأمريكي والتركي هو تأهيلها لحكم محلي، وحتى الجهود الكبرى التي بذلتها وتبذلها واشنطن في معركة المساعدات الأممية تحت ستار إنساني إنّما هي لوضع المساعدات تحت تصرف جبهة النصرة كي تزيد من فرض سيطرتها على أهالي محافظة إدلب من خلال إدارتها للدعم والمساعدات!.
وفي آليات تمكين الإرهاب على الأرض السورية يمكن التذكير بأن الأهداف المطلوبة من دعم تنظيم داعش سابقاً تضخيمه لاستخدام الحرب عليه كمدخل لتنفيذ الاحتلالات المطلوبة، لذلك انتشرت قواعد الاحتلال الأميركي في منطقة الجزيرة السورية بحجة مكافحته ومواصلة حماية المنطقة منه، و”ابتدعت” واشنطن ميليشيا قسد كفصيل انفصالي جمّلته بأنّه الشريك الذي كافح ويكافح معها تنظيم داعش..
أمّا في أنموذج جبهة النصرة يتم التعامل معها أمريكيا وتركيا كشريك محلي مباشر ولكن في وجه الدولة السورية وسيادتها وجغرافيتها، لذلك تمّ تجميل وتحديث اسمها لحمل صفات تحررية وثورية، والغاية النهائية هي جعل إدلب الخضراء أيضاً (إقليماً انفصالياً) اليد الطولى فيه لواشنطن وأنقرة.
ومع التسليم بأنّ الواقع الإدلبي مؤقت بانتظار نضوج ظروف تحرير وتطهير إدلب بالشكل المناسب..، يبقى الواجب الأكبر الوعي من أهالي محافظة إدلب قبل غيرهم بألاّ تصبح بيئة إدلب بيئة (أفغانية) وموطّنة للإرهاب وكي تكون فاتورة تطهيرها مستقبلاً أقل عبئاً عليهم وعلى الدولة السورية.