الملحق الثقافي-غسان شمه:
هل بات الحديث عن الوعي، أو الدعوة له، نوعاً من الأسى عند الإنسان المعاصر المصاب مسبقاً بسلسلة من الإحباطات التي يتسبب بها وعي الإنسان بالثمن الباهظ للوجود..؟
الأسى، وربما السخرية، قد يكونان، على طرفي الإجابة..!
العلوم الحديثة كشفت أن الإنسان القديم كان «يتمتع» بامتلاك دماغ ذي حجم صغير لكن هذا الحجم ازداد اليوم كثيراً مع تدفق المعرفة والمعلومات، في مختلف المجالات، كنهر يتسع مجراه كلما تقدمنا في الزمن والكشف في حقول معرفية كثيرة..
بالتأكيد فإن ذلك كله من الإشارات الإيجابية في منحى مهم بالنسبة للبشرية والتاريخ الإنساني بوجه عام، لكن على صعيد مواز ذهب الكثير من الفلاسفة والأدباء والمفكرين إلى أن الوعي في جانب منه يثقل على روح الإنسان حتى إن الأديب الروسي الكبير دوستويفسكي يرى أن شدة الإدراك مرض.. ويذهب كافكا إلى ما هو أبعد: إذا كان هناك ما هو أشد من الإفراط في المخدرات فمن دون شك هو الإفراط في الوعي..
ومثل هذا الاتجاه ناشئ عن معاناة الإنسان صاحب المعرفة الذي التزم الإنسانية في معناها الواسع كما نرى في إشارة الفرنسي ألبير كامو بالغة الدلالة من أن لا شيء يعادل الظلم الذي أنزلوه بالإنسان..
إذاً هل يتخلى الإنسان عن سعيه نحو إدراك ووعي العالم بما ينطوي عليه من معرفة، قد تنوء في جانب منها، بما يثقل الروح أم نذهب جميعاً إلى تلك الصورة الشعرية التي تنطوي على حقيقة مؤلمة قالها المتنبي « ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم»..؟
ما رأيكم بدعوة مفتوحة إلى الضحك، ضحك من كل شيء .. وهل تستقيم الحياة إذا غرقنا في الضحك أم أنها قد تضحك منا وعلينا..؟.
العدد 1105 – 2 – 8-2022