لم يعد خافياً على كلّ متابع لسياسات الدول الأوروبية الطائشة تجاه روسيا أن هذه السياسات الحمقاء التي نفخت في جمر حرب أوكرانيا وشجعتها على التمادي في الإضرار بالأمن القومي الروسي ومدّها بمختلف الأسلحة الثقيله وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا هي من أوصلت الأزمة التي تعاني منها أوروبا إلى هذا المستوى من الصعوبات الاقتصادية، التي يعاني منها المواطنون الأوروبيون والتي دفعتهم للتعبير عن غضبهم عبر تنظيم الاحتجاجات الكبيرة لسياسات حكوماتهم التي أوصلت الاقتصاد إلى حافة الانهيار بعد الرد الروسي على العقوبات الأوروبية.
السياسات الحمقاء الطائشة لدول الاتحاد الأوروبي التابعة والخاضعة لإملاءات الولايات المتحده الأميركية كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قرار وزراء مالية مجموعة السبع وضع خطة لفرض سعر النفط الروسي وهذا ما كان له ردود فعل روسية قوية وسريعة بقطع الغاز عن أوروبا بالكامل، وبهذا الشأن صرّح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأن فكرة الحدّ من أسعار النفط في روسيا فكرة سخيفة تماماً، وأن روسيا لن تزود الدول الداعمة لهذه المبادرة بالنفط والمنتجات النفطية ما يعني تفاقم أزمة المواطن الأوروبي لاسيما وأن الشتاء على الأبواب.
أزمة المواطن الأوروبي وتفاقمها نتيجة السياسات الطائشة عبّر عنها جوزيب بوريل مفوض الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي، حيث قال إن الأوروبيين يعانون من شبح عوز الموارد الذي بدأ يلقي بظلاله على سبل حياتهم ويخنق إمكانيات تحملهم في شتاء منتظر بات على الأبواب، كما كتب الصحفيان جو والاس، وكيم ماكرايال في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أنه بعد الإعلان عن إغلاق خط أنابيب الغاز الروسي السيل الشمالي قفزت أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء أولاً بمقدار الثلث ثم عادت لترتفع أكثر من 10% وهو ما أدى إلى انخفاض قياسي في قيمة اليورو، كما يمكن أن يؤدي ذلك في المستقبل إلى مزيد من ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية تاريخياً، ثم إلى تسارع التضخم وإفقار المستهلكين والضغط على الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والتي تشهد موجة من إغلاق المصانع.
الأزمة الخانقة التي تمرّ بها دول الاتحاد الأوروبي نتيجة تبعيتها لسياسات واشنطن التي تنفخ في جمر الحروب والتي تنعكس سلباً على المواطن الأوروبي تؤكد أن أوروبا تعاقب نفسها ولن تحصد من هذه السياسات الحمقاء سوى المزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، كما أن الوهم في إضعاف روسيا واستنزافها سيبقى وهماً في مخيلة المسؤولين الأوروبيين والأميركيين فجميع الموشرات تؤكد أن الأهداف الروسية من العملية الخاصة في أوكرانيا تتحقق كما تخطط لها القيادة الروسية.