لن يبقى أي طالب خارج المفاضلة عبر قبول جميع الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية العامة بفروعها كافة في الجامعات والمعاهد السورية للعام الدراسي الجديد، هو بحد ذاته قرار مهم للغاية للجنة الاستيعاب الجامعي، في ضوء أعداد الناجحين في الثانوية لهذه الدورة والذي وصل حتى 131892طالباً.
كما أن زيادة نسبة التعليم الموازي إلى 50 بالمئة بدلاً من 40 بالمئة لزيادة فرص القبول في الجامعات الحكومية من شأنه أن يتيح فرصاً أكبر للطلاب، لتحقيق رغباتهم في القبول الجامعي الحكومي في الاختصاصات التي يطمحونها، لاسيما وأن هذا التعليم يلاقي قبولاً ملحوظاً لدى الطلاب وذويهم من شرائح مجتمعية تناسبها تكلفة الدراسة الجامعية فيه، حيث تعدّ التكلفة قليلة جداً إذا ماقورنت بأقساط وتكلفة الجامعات الخاصة.
إلا أن اللافت مع كل مفاضلة للقبول الجامعي هو ارتفاع معدلات القبول الجامعي خاصة للفروع العلمية من الكليات الطبية والهندسية وغيرها لتبقى في النهاية رغبات وطموح طلاب كثر في اختصاصات محددة خارج حدود درجات القبول، وبالتالي التحويل لاختيارات أخرى، ومنهم من يلوذ بالتعليم الجامعي الخاص لتلبية رغباته وميوله ممن تسمح لهم أوضاعهم بذلك.
بالمقابل تأخذ سياسة الاستيعاب الجامعي منذ سنوات الكثير من الأخذ والرد، وآراء نقد المختصين في القبول الجامعي، حيث ما زالت تعتمد الدرجات، مع ثقافة القبول التقليدية التي تركز على اختصاصات معينة وتهمل اختصاصات أخرى لها الكثير من الأهمية، لاسيما ما يتعلق منها بسوق العمل ومتطلباته.
فالتركيزعلى الاختصاصات التعليمية في الكليات والمعاهد التي يحتاجها سوق العمل أمر مهم تفرضه الضرورة والحاجة التي أفرزتها كثير من المستجدات والتطورات المتلاحقة، وبما ينسجم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهناك خريجون جامعيون كثر ومنذ سنوات لم يجدوا فرص عمل مناسبة لهم وفق دراستهم الجامعية باختصاصات يثبت واقع العمل أنها لم تعد مطلوبة في سوق العمل.
فهل نصل لسياسة استيعاب وفق معطيات جديدة وظروف مختلفة تعتمد أسساً محددة بناءً على دراسات معمقة أساسها الاستثمار الأمثل لقدرات وميول كثير من الطلبة، وتحقق التوازن المطلوب بين الرغبة والقبول لجميع الاختصاصات التعليمية التي تتكامل مع بعضها في النهاية بما يخدم المجتمع ويساهم في تلبية متطلبات سوق العمل من جميع الجوانب تعليمية ومهنية.