الثورة – فاتن أحمد دعبول:
استضاف فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب وبالتعاون مع رابطة أدباء سورية الافتراضية عدداً من الأدباء والشعراء تحت عنوان” معاً لتعزيز ثقافة الانتماء للوطن” بإدارة د. إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب.
وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الوطن، بين د. إبراهيم زعرور أهمية الوقوف إلى جانب الوطن في محنته، وقال: نحن ندرك تماماً معاناة شعبنا من جراء الحصار الذي يمارس على سورية، ولكن رغم كل ذلك نسعى جميعاً أفراداً ومؤسسات للعمل من أجل التخفيف من حدة المعاناة، والأدباء في رسالتهم النبيلة هم الأقدر على مشاركة المواطنين آلامهم وآمالهم، والندوة اليوم غنية بالمشاركات سواء على صعيد القصة أو الشعر.
وبدأ الأديب والشاعر بديع صقور بقصيدة عنوانها” سبعون” يحكي فيها جراح الحرب وما خلفته من الفقد والدمار وحصاد العمر، يقول:
سبعون، وكل الذي جمعته من حصاد الأيام، عبثت به نار الحروب، صارت بيادر من رماد.
سبعون، حصاد هباء، جراح ودموع، شهقات وذكريات، والذي مضى لن يعود
سبعون جرحاً نازفاً، سبعون جرناً، تفيض وتفيض وتفيض، والذي مضى لن يعود
سبعون، وأمك التي كانت ذرفت الدمع والحزن والحب لأجلك، ماتت.
بينما توقف الشاعر سليمان السلمان في قصيدته” شعر بلا وزن، ميت بلا وزن” عند أهمية تجاوز الألم لأن في الحياة أشياء جميلة تستحق أن نحيا لأجلها، يقول:
لعصافير الصبح حكايات، وهزيج الحصادين.. وفير جناك، ونغني حين الشعر يغني
واللحن المرفوع الرأس بصدر الشوق كتابة، يا عازف للحرف كمان وربابة، اكتب ما شئت، وسم الكائن بالمكنون، الشعر معان، وعيون، ولحون، هذا سر الخلق حياة الكون، فلا تبعد عن سربك، نحن نراك.
وتحت عنوان” مهمة سفر” كتب الأديب غسان حورانية قصته التي تحكي بعض العادات التي نفتقدها في مجتمعاتنا، ومنها أننا نتناول طعاماً أكثر من حاجتنا، وربما نذهب إلى أكثر من ذلك، فنرمي الطعام الذي يفيض عن حاجتنا، يقول” تناول زياد ما شاء من الطعام، حتى إذا شعر بالامتلاء أسند ظهره إلى الكرسي، وشرع يتأمل المائدة أمامه.. دنا منه النادل وأشار إلى لوحة معلقة على الجدار مدون عليها بلغات عدة تفيد بأن المطعم يفرض غرامة على الطعام الباقي في الصحون..”
أما الروائية سوسن رمضان فكانت مشاركتها بقصة حملت عنوان” زهايمر” تحكي فيها تهالك الجسد ومعه الذاكرة عندما يصبح الإنسان في أرزل العمر، فتخونه صحته ليجد نفسه مع ذكريات تشبهه تارة، وتغزوه تارة، وفي أحيان كثيرة تسافر إلى غير رجعة، تقول: وقف الجميع في فسحة من فراغ الروح تغزوهم مشاعر عصية على التفسير، عندما دخل معفراً بغبار الضياع، يحمل بيده فسيلة حبق وكان ينادي الجميع باسم سيدة لا نعرفها.. لم تكن جدتي”
وقرأ الشاعر المتألق فارس دعدوش” مما ورد عن حديث الشعر”:
للكأس ماء، ولي ماء بها اتحدا، من يشتهيها كمن في سمتها اتقدا
معناي فيها كأن لم اتخذ شبها، حتى أفسر في الروح والجسدا
آت أشرع أبوابي، لعل دمي، يسبلهم الشرح تأويلاً بما قصدا.
ويبقى للشعر نكهة عبق الياسمين مع الشاعرة هناء داوودي التي باحت بمشاعر وجدانية تصدر من القلب، لتصل إلى المتلقي بإحساس مرهف:
هذي البلاد، أشبعتني انتظارا، لأحلام ليست لي، لفرح لم يعدني إلي، أهز كتف النوايا، تزجرني الاحتمالات
ألطم الزمن البليد، يحاصرني الضجر، ما كان بإمكاني التحرر مني، من العمر اللامجدي، من موت ينافس الخوف
في مضمار الحزن، من الواقع المتدثر بالوعود الطازجة المأخوذ باللاصدق وجعا، وجعا.
وفي قصتها القصيرة جداً ” ارتطام” تجسد من خلالها سطوة الأحلام على حياتنا، رغم أن هذه الأحلام كثيراً ما تصطدم بالواقع، تقول: أشرقت روحها حين رأته من بعيد، لوحت بيدها، ركضت تحمل شوقاً وهي ترتب جملة تحتضنه بها.. وصلت فاتحة ذراعيها، اصطدمت بفزاعة العصافير.
ومن المشاركات في عمر الزهور نورا الحوري وسدرة العلي والشابة راما العماري التي توجهت في خاطرتها” لعنة الحرب” بالسؤال التالي: إلى متى ستستمر هذه الحرب، الحرب التي قد وضعتنا أمام خيارين لا ثالث لهما، فقد اخترنا الأصوب، لأن انتظار الموت هو موت آخر ..”
تجارب فتية تحاول أن تتلمس طريق الإبداع، إلى جانب أدباء قطعوا أشواطاً في فنون الأدب، ليخلق ذاك التلاقح بين التجارب جميعها، فيكون إبداعاً يليق بالوطن، ومن أجل تعزيز ثقافة الانتماء للوطن.