رفاه الدروبي
اعتمد الفيلم الوثائقي “صراخ أطفال غزة” على إظهار القتل الممنهج للأطفال في غزة، وتدمير منازلهم، إذ أصبحوا يحلمون بالعودة إلى بيوتهم بعد حرمانهم من فراشهم الوثير في منازلهم.. كان ذلك خلال أمسية نظَّمتها أكاديمية دار الثقافة وناديها السينمائي بعنوان “غزة في القلب.. والوجدان”، عرض خلالها المخرج هشام فرعون فيلميه الوثائقيين “صراخ أطفال غزة” و “غزة لتكن حكاية” في مقر الأكاديمية في مخيم اليرموك بدمشق.
وبيَّن الفيلم بقاء الأطفال مشردين في الخيام أو في المشافي من جراء القصف فأصيبوا أو فقدوا والديهم لتترك لديهم جروحاً عميقة في الجسد وغصة في القلب ودمعة في المآقي، عارضاً خلال مجريات الفيلم حقوق الطفولة في القوانين الدولية المتضمنة حمايتهم وحقهم في التعليم والعيش الهانئ.
بينما رصد الفيلم الثاني ما فعله الكيان الصهيوني في غزة من قتل للأبرياء وللمثقفين القادرين على نقل الحقيقة، وللأدباء والفنانين، وسرقه الآثار في محاولات لطمس الإرث الثقافي وهوية حضارتنا العربية.
الدكتور حسن حميد أكَّد أنَّ الفيلمين طرقا أبواباً لا تكتب عن فلسطين لصعوبة لقاء الأطفال، ولم يقدما قصة ورؤية تروي عطش المتلقي، لذا كان لابدَّ من نسج الأحداث والبناء على حكاية غابت عن المشاهد، ففيلم “صراخ أطفال غزة” عرض مجرد أحداث، وكان الأجدر بالمخرج التوجُّه إلى أحد الكتَّاب المسرحيين في اتحاد الكتَّاب لإنجاز السيناريو أو الاستناد إلى الأدباء والمسرحيين المختصين أثناء أداء العمل لأنَّه تطرق إلى فيلم يبرز واقع الأطفال ويعتبره أمراً بمنتهى الخطورة لذا طرق بابهم.
بدوره الدكتور ثائر عودة أشار إلى أنَّ التظاهرة تأتي ضمن رؤية الأكاديمية وخطتها لتأسيس نادٍ سينمائي يكرّس الثقافة الوطنية الأصيلة، وإنّ عرض كلا الفيلمين يُعدّ نواة لإشهار النادي، فالفيلم الأول لم يكن فيه قصة أو سيناريو بشكل واضح بل مجموعة من الصور المرعبة للويلات الجارية في غزة.
بينما الفيلم الثاني كان أكثر تماسكاً وسلط الضوء على دور المثقف الغزاوي في إعلاء صوت الناس، وكذلك سعي العدو لاستهداف تلك الأصوات، وخاصة الكاتب والأكاديمي الشهيد رفعت العرعير وغيره من الرسامين والصحفيين من استهدفهم العدو، وما يُحسب للفيلم أنه عرَّفنا على هؤلاء المثقفين الغزيين لأول مرة.
من جهته الناقد أحمد هلال رأى أنَّ الفيلمين جُمعا برؤية صورة تكتب الحزن والمسؤولية تتوقف على الرواية وسياق واحد من الكلمة للصورة ولا بدَّ من ذكر أهمية الجهد المبذول اللائق بأطفال غزة.
وأشار المخرج فرعون إلى أنَّه لم يُقدِّم إلا وثيقة للتاريخ لتبقى شاهداً على ما فعلوه من جرائم يندى لها الجبين وأحداث قاسية جمعها في فيلمين مدتهما ١٧ دقيقة، وعرضهما في ١٥ دولة وفي مؤتمرات عالمية، لافتاً إلى أنَّه جمع كل المعلومات من الشابكة الإلكترونية ليدينهم من أفواههم لأنَّه لا يستطيع الوصول إلى المعلومات كافة عن المثقفين، لكن لا يمكنه الوصول إلى الطفولة ومعاناتها أيضاً، كما أنَّ دور الفن يختلف كلياً عن الإعلام، حيث يمكنه الغوص في القضايا الكبرى بينما الإعلام ينقل الحدث فقط وحاول بذل جهده لإيصال صوت أطفال غزة ونيل حقوقهم في البيت والتعليم والحصول على المأكل والمياه النظيفة.
كما لفت إلى أن الفيلم الوثائقي لا يقدم السيناريو بالكلمات، بل بعرض الصور ومقاطع الفيديو وتحويل القضية الآنيَّة إلى جدليَّة بهدف تقديم رسالة لأصحاب القرار، مُبيِّناً أنَّ الفيلم الثاني كان يهدف إلى تسليط الضوء على تدمير الآثار الممنهج كي يدفع المشاهد للبحث عن وضع الأثر قبل تعرُّضه للهدم.