الثورة _ فؤاد مسعد:
تعتبر العادات والتقاليد التي يتم تكريسها في أي عمل ميزانا يساعد على ضبط إيقاع الأمور ليخرج المُنتج إلى النور بأفضل صيغة ممكنة، وأي تجاوز قد يعرّض الميزان إلى الاختلال مما ينعكس على آلية تلقي المنتج النهائي ويثير مجموعة من التساؤلات حول السبب وراء تجاوز عمل بعينه هذه العادات والتقاليد، مما يشي أن غير المتاح في السابق بات يمكن أن يمرّ بشكل أو بآخر.
من تلك الأمور التي لابد من التوقف عندها طريقة وضع المخرج لاسمه في الفيلم، ومن الأساليب التي باتت تزداد انتشاراً كتابة (فيلم لـ فلان) الأمر الذي لم يطالعنا في السينما العالمية إلا بشكل محدود جداً، إلا أنه درج منذ سنوات في السينما السورية من قبل مخرجين يحفل أرشيفهم بعدد من الأعمال الناجحة والجماهيرية ومشهود لهم بمكانتهم ويمتلكون الخبرة التي يمكن أن تؤهلهم لهذا الفعل، ولكن تكمن المفارقة أن نرى هذا الأمر يتكرر مع فيلم قصير من إنتاج المؤسسة العامة للسينما ضمن منح مشروع دعم سينما الشباب، أي أنه فيلم يندرج في خانة (الهواة) وليس لمخرج احترافي له تاريخ سينمائي حافل أو يمتلك في أرشيفه عدداً من الجوائز والأعمال الهامة، وفي حالة فيلم الهواة تُعتبر كتابة (فيلم لـ فلان) عوضاً من (فيلم إخراج فلان) عملية قفز فوق الزمن لسنوات قادمة يُفترض أن تكون مليئة بالعمل لهذا المخرج حتى يصل إلى مرحلة يمكنه فيها تقديم نفسه بهذا الأسلوب. لا تستبقوا الزمن فالتعريف بهذه الطريقة قد تكون نتائجه السلبية أكثر من الإيجابية، ومع كل التقدير للجهد المبذول لإنجاز فيلم هام ولكن دعوا الفيلم يتكلم عن نفسه ويكون سفيركم الحقيقي إلى الجمهور والمهرجانات، وثقتنا كبيرة بجيل شاب يُعتمد عليه ويكون له رؤاه الخاصة التي ينظر من خلالها خارج الصندوق ويتعامل مع الكاميرا من منطلق مختلف فيحاكي جيله فعلاً، والسؤال إن كان أول أفلام المخرج الشاب الهاوي عُرّف بـ (فيلم لـ فلان) فماذا سيفعل بعد عدة سنوات وكيف سيحتفي بنجاح أعماله حينها ؟. ويصلح هنا ذكر المثل القائل (كل شيء بوقته حلو).
وعادة ما يندرج ضمن إطار عادات وتقاليد أفلام مشروع دعم سينما الشباب، الحرص بأن يكون اسم الفيلم باللغة العربية ويكتب على هذا الأساس في (البوستر)، ولكن يبدو أن عدداً من أفلام الهواة القصيرة وحتى من الأفلام الاحترافية القصيرة بات مخرجوها يسعون إلى اختراق هذا العرف، ربما ظناً منهم أنهم بهذه الطريقة يضمنون تحقيق انتشار أوسع في المهرجانات، فيطلقون على الفيلم عنواناً باللغة الأجنبية ويتم تسويقه على هذا الأساس ويُكتب إما بأحرف عربية أو انكليزية أو بكليهما معاً دون ترجمة العنوان الأجنبي، وهو الأمر الذي لم يكن متاحاً فيما سبق، وفي حال تمت إتاحته فيكون هناك بوستر أول باللغة العربية وبوستر ثانٍ باللغة الإنكليزية مخصص للمهرجانات والمشاركات الخارجية أو يُكتب على البوستر نفسه باللغتين العربية والانكليزية ، بحيث يوضع اسم الفيلم وترجمته باللغة الأخرى.
ما نذهب بالحديث عنه لا يتعارض مع أية خطوة نحو الأمام تسير بها المؤسسة العامة للسينما، ولكن دائماً هناك تقاليد عادة ما يتم العمل على تكريسها والحفاظ عليها لأنها بمكان ما تشكل هوية لآلية عمل، هذا جانب والجانب الآخر بما أنه تم تبرير الـ (لـ) لهذا المخرج فلماذا منعت عن آخرين، وبما أنه تم تبرير بوستر باللغة الانكليزية هنا فلماذا مُنع هناك؟.. قد يقول أحدهم أن الأمر أبسط من ذلك، ولكنه ليس بهذه البساطة، فالخوف إن فرطت حبة من العقد أن تتبعها الحبات الأخرى وبالتالي إن تم تبسيط هذه الأمور قد نصل إلى مكان تُستباح فيه الكثير من التقاليد الأخرى المتعلقة بآلية وكيفية صناعة الفيلم السينمائي. وفي النهاية لابد من الإشارة إلى تقصّد عدم طرح أمثلة عن أفلام بعينها كي لا يكون الحديث عن فيلم دون آخر، فهي حالة تكررت وكان لابد من الإشارة إليها بدافع الحرص على هوية الإنتاج السينمائي بما فيه الإنتاج المخصص لدعم سينما الشباب.
