بين الأمانة والشخوص والحوار واللغة والموقف الجدير بالقصّ ومتعة الحكايات وتأمّل لأعماق الحدث يلتقط المُترجِم تفاصيل كتاب أراد له أن يُولد من جديد، لكنّ المفارقات تأتي بين نصّ مليء بالحبّ والشغف وآخر جامد لا حياة فيه، حيث يضع المُترجِم قوانينه فمنهم من تأتي ترجمته على السجية الأدبية الصافية الخالصة وتسري العذوبة من نصّه أو كتابه المُترجَم ليتلقّفها القارئ بصدق وتثاقف لا محدود.
تتمّ الترجمة أيضاً دون أيّ تدّخل تخييلي أو تلاعب لفظي ودون أيّ إقحام لفكر صاف أو انفعال أو تفاعل بالحدّ الأدنى فتأتي الترجمة حرفية لمصطلحات خالية من المشاعر والأحاسيس ولا مجال للتأمّل فيها وقراءتها إرهاق لا طائل منه…
الترجمة بين الخاص والعام، وبين الأعمال الأدبية والفنون المختلفة والأبحاث العلمية والطبية والإبداعية متفاوتة بين اللغات وتصنيفاتها وطرق نشرها، حيث باتت المصالح تأخذ حيّزاً واسعاً منها…
الغرب يبحث مثلاً عن كلّ مافي مصلحته ويترجمه للخاصية دون العامية أو المساهمة في النشر، ويقتحم ثقافتنا وأدبنا وفكرنا ومجتمعاتنا بكتب مترجمة إلى لغتنا لها غاياتها السياسية والثقافية والاجتماعية…
الاستبداد الثقافي يخيّم على الترجمة طالما أنّ هنالك تفاوتاً بين مايُترجم إلى لغتنا العربية والذي ترجح كفّته على حساب مايُترجم عن لغتنا، رغم أننا شركاء في حضارة عريقة سبقت نهضة أوروبا والغرب بقرون وهذا ماتؤكّده المراجع التاريخية بعيداً عمّا تخترعه وتسوّق له الصهيونية العالمية التي لن تستطيع أن تُنكر ابن سينا والفارابي وابن خلدون وابن طفيل وابن زيدون وابن رشد وغيرهم كُثر ممّن لم يفرضوا ثقافاتهم بل مزجوها مع ثقافات الآخرين….