الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
على الرغم من الحرب الإرهابية التي تعرض لها شعبنا الأبي خلال السنوات الماضية إلا أن ذلك لا ينسينا التذكير بالقضايا المركزية، إذ لا يمكن أن ننسى الجولان السوري المحتل ولواء اسكندرون السليب إلى جانب القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، لذلك لا بد من إلقاء الضوء على قضية سلب لواء اسكندرون وقضية سلب فلسطين باعتبارهما في العمق مسألة واحدة من حيث الجوهر والبعد السياسي والقانوني والحقوقي والتراث الروحي، فالقدس وأنطاكيا عاصمتان لهما أهميتهما الثقافية والروحية الكبيرة في قلب كل سوري، وفي قلب كل إنسان يعيش في أرض المشرق والعروبة بكاملها، فالعدوانية الغربية استهدفتهما بالتقسيم والتفتيت، ما يتطلب منا نحن أبناء هذه المنطقة فضح هذه السياسات ومواجهتها بكل الطرق والوسائل.
موضوع سلب إسكندرون وسلب فلسطين كان ضمن دائرة البحث والدرس في الندوة السياسية التي دعت إلى عقدها ظهر اليوم الخميس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني ومؤسسة القدس الدولية (سورية) وتحالف القوى والفصائل الفلسطينية بدمشق بعنوان “من سلب اسكندرون إلى سلب فلسطين” وذلك في قاعة المحاضرات بدار البعث.
وقد أدار الندوة الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، إذ استهل تقديم المحاضرين بالإشارة إلى أن اتفاقية سايكس بيكو وسلخ لواء اسكندرون وسلب فلسطين هما ضمن خطة استعمارية غربية لتفتيت المنطقة، والتي تتكامل اليوم مع أطماع الاحتلالين الأمريكي والتركي إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، ولكن المقاومة الشعبية الوطنية لم تتوقف طيلة العقود الماضية رغم كل الممارسات العدوانية.
د. المفتاح: مشروع التقسيم الاستعماري مستمر
واستهل الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولية (سورية) الندوة بالإشارة إلى أن ما تتعرض له منطقتنا هو خطر تزييف التاريخ والعبث بالجغرافية الطبيعية لها، وأن لواء إسكندرون وفلسطين تعرضا لأكبر عملية تضليل وخداع وتزييف بتاريخهما والعبث بجغرافيتهما في إطار ما تعرضت له منطقتنا من غزوات واستهدافات لتقسيمها وتجزئتها بعد أن كانت دولة عربية موحدة اللسان والتاريخ والثقافة.
وأكد الدكتور المفتاح أن مشروع الاستهداف لا يزال مستمراً ومتواصلاً وخاصة في إطار ما نشهده في الحملة التي تتعرض لها سورية لأكثر من إحدى عشرة سنة من محاولات تقسيمها وتحويلها إلى كيانات صغيرة وكانتونات قائمة على التقسيم الطائفي والمذهبي والعرقي، وحذر من مخاطر استهداف الدولة الوطنية نتيجة بروز تقسيم المنطقة ودولها وأحلام القوى المعادية لتحقيق أطماعها على حساب أركان الدولة الوطنية وتحويل الحدود الإدارية إلى حدود سياسية.
وأشار مدير عام مؤسسة القدس الدولية (سورية) إلى أن سلب لواء إسكندرون والأجزاء المغتصبة الأخرى في شمال سورية وسلب فلسطين جاء نتيجة تلاعب القوى الاستعمارية بمصائر المنطقة والاعتداء على سيادة الدولة العربية التي كانت موحدة اللغة والجغرافيا والثقافة والأهداف.
وحذر من مخاطر استمرار المشروع الغربي التقسيمي في المنطقة منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى الآن والتي تسيّسه وتديره الاتفاقات الاستعمارية السرية والمعلنة التي أدت إلى سلب إسكندرون وفلسطين وتهديد بحصول المزيد من احتلال الأجزاء العربية في سورية والمنطقة.
د. مرعي: تسويق الأضاليل لطمس هويتنا
أما الدكتور عيد مرعي أستاذ التاريخ القديم في جامعة دمشق وعضو مجمع اللغة العربية، فقد استعرض الكثير من الحقائق التاريخية التي كانت تفهم خطأ من قبل بعض الباحثين والمثقفين العرب وتستخدم دون قصد في الإعلام العربي، والتي حاول الغرب تسويقها في إعلامه وأوساطه الثقافية والتاريخية لطمس الحقائق حول تاريخ إسكندرون وتاريخ فلسطين وسورية الطبيعية والمنطقة عموماً وحرف العالم الفكري والثقافي عن إسهامات العرب في العالم وتقديم الأضاليل والروايات الإسرائيلية على الحقائق العربية.
وقال الدكتور مرعي: إنه على الرغم من تلك الأضاليل والخدع والأكاذيب التاريخية لم يستطع الغرب والقوى الاستعمارية طمس حقوق السورية بلواء إسكندرون والأجزاء المغتصبة بشمال سورية والجولان، وكذلك حقوق الأمة العربية التاريخية بفلسطين وبوجودها العميق في المنطقة ودورها الحضاري الإنساني.
ونوه الدكتور مرعي بضرورة الاهتمام بتاريخنا وقطع الطريق على القوى الاستعمارية استغلال التفرقة والهوان وضعف المعرفة والفكر بحقائق التاريخ والسياسة الدولية وكيف تدار لمصلحة تلك القوى الهدامة التي تسوّق للأهداف الصهيونية والأهداف الغربية لزرع بذور التقسيم في الأراضي العربية وفصل أجيالها عن عروبتهم وهويتهم وأصالتهم والترويج لقضايا استعمارية دون الانتباه لمخاطرها على مستقبلنا يمكن أن تستغله القوى المعادية لتحقيق غاياتها وأطماعها.
د. الأحمد: متمسكون بإسكندرون والجولان وفلسطين
بدوره الدكتور طارق الأحمد عضو المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي أشار إلى أن الانشغال بأحداث داخلية خلال السنوات الماضية أدى إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية على الصعيد العربي الرسمي وحتى الشعبي، مؤكداً ضرورة إعادة هذه القضية إلى الواجهة والتي لم تستطع قوى الاحتلال محوها من ذاكرة الأجيال.
وقدم الدكتور الأحمد عرضاً تاريخياً حول أساليب تركيا العثمانية والأتاتوركية والأردوغانية في مواصلة الهيمنة واحتلال أجزاء من سورية وضمها إليها، وتورط القوى الاستعمارية الغربية في تسهيل اقتطاع أجزاء من سورية لصالح تركيا إضافة إلى استمرار الاحتلالين الأمريكي والتركي وكذلك الاحتلال الإسرائيلي في محاولة لتقسيم سورية وإضعافها.
وقال الدكتور الأحمد: إن أمام المنطقة ودولها إما السلخ والاحتلال أو التوحد، والسلخ يعني الضعف والزوال، بينما التوحيد يعني القوة، ودعا إلى ضرورة قطع الطريق أمام القوى الاستعمارية للتقسيم والاحتلال وتعبيد طريق التوحيد والقوة والحفاظ على الهوية والحقوق.
وأكد الدكتور الأحمد أن شعبنا ودولنا العربية ستبقى متمسكة بأرضها ووحدة جغرافيتها وتاريخها ولن تتنازل عن شبر من الأرض أو حق من الحقوق وستبقى تدافع عن الكرامة والسيادة حتى تعود كامل الأجزاء السورية المحتلة ويندحر الاحتلال في الشمال والجنوب.
حضر الندوة رئيس اللجنة والمدير العام للمؤسسة وعدد من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية وفعاليات ثقافية واجتماعية وجماعات من طلاب اتحاد شبيبة الثورة التي أضفى تفاعلها مع المحاضرين غنى وروعة أعطت المزيد من الأمل والتفاعل بجيل المستقبل.