الثورة – عبد الغني العريان:
في تطور جديد على صعيد تنظيم النقل الداخلي بمدينة حلب، علمت صحيفة الثورة أن محافظة حلب أصدرت تعليمات جديدة حددت بموجبها الأجرة الرسمية لنقل الركاب في السرافيس العاملة ضمن خطوط المدينة بـ 2000 ليرة للراكب، على أن يبدأ تطبيق التعرفة الجديدة اعتباراً من 16 تموز 2025.
وبحسب بيان حصلت “الثورة” على نسخة منه، فإن هذا التوجه بعد توصية لجنة نقل الركاب المشترك، لمعالجة الفوضى المتفاقمة في تسعيرة النقل داخل المدينة، والتي شهدت في الأشهر الماضية تجاوزات كبيرة، سواء في الأسعار أو في التزام السائقين بخطوط السير المحددة.
وفيما تُلزم التعليمات الجديدة سائقي السرافيس بالإعلان عن الأجرة المحددة في مكان ظاهر داخل المركبة، وتحظر عليهم تقاضي أي مبالغ زائدة أو رفض نقل الركاب، تفتح الخطوة الباب لتساؤلات أوسع حول آلية الرقابة وجدوى التطبيق، في ظل واقع لا تزال تحكمه فوضى الميدان أكثر من النصوص.
ويشدد البيان على منع أصحاب السرافيس من التلاعب أو الإعلان عن أجور مخالفة، وتحذر من فرض العقوبات المنصوص عليها قانوناً بحق كل من يتجاوز التسعيرة أو لا يلتزم بخط السير الكامل، كما تنص على انتهاء العمل بكل التعليمات السابقة بمجرد بدء تطبيق الأجرة الجديدة.
ورغم أن هذه الخطوة تمثل استجابة مبدئية لمطالب المواطنين، إلا أن التحدي الأكبر يبقى في التطبيق، خاصة مع ضعف الكوادر الرقابية، وتوزع خطوط النقل على مناطق متباعدة، بعضها لا تشمله الرقابة اليومية.
ومع تحديد الأجرة الجديدة بـ 2000 ليرة، فإن السؤال الذي يبقى مطروحاً: هل يكفي هذا الإجراء لضبط القطاع؟ أم أن السائقين سيواصلون اللعب خارج خطوط التسعيرة؟
وبحسب آراء متضاربة في حلب، الجواب مرهون بمدى جدية المتابعة وتفعيل القوانين، في وقت يبدو فيه النقل العام أقرب إلى مغامرة يومية تبدأ بـانتظار طويل، وتنتهي غالباً بدفع أكثر مما هو مُعلن.
وكانت صحيفة الثورة رصدت في تحقيق سابق مشاهد متعددة لما وصفه الناس “بـسباق السرافيس”، إذ لا يلتزم كثير من السائقين بالخطوط الرسمية، ويتوقفون وسط الطريق بحثاً عن ركاب إضافيين، وسط تجاهل شبه تام للتعرفة المفروضة سابقاً والتي وصلت حينها إلى 3000 ليرة بموجب تعليمات وزارة النقل في شباط الماضي.
أحمد العزاوي، أحد سكان حي الفرقان، نقل لـ”الثورة” مشهداً يومياً يتكرر أمام أعين الركاب: “سرفيسان يتسابقان فوق الرصيف، أحدهما ينعطف فجأة، المعاون يصرخ بطريقة هستيرية، والركاب في حالة ذهول”، تلك المشاهد، بحسب كثيرين، لم تعد استثناءً بل باتت سلوكاً عاماً في بعض الخطوط المزدحمة.
وفي موقف “سيف الدولة”، لاحظ مراسل “الثورة” أن بعض سائقو السرافيس يكتفون بنصف الخط، ويكتسبون أجرتين من رحلة واحدة، في ظل غياب فعلي للرقابة الميدانية.
وأشار طالب جامعي إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالسائقين بل بمنظومة كاملة تحتاج لإعادة ضبط: “كل من في الشارع يفعل ذلك، لا أحد يُحاسب”.
من جهتهم، يبرر بعض السائقين هذه السلوكيات بارتفاع التكاليف وقلة المردود، رغم أن معطيات السوق تغيرت مؤخراً، ولاسيما بعد انخفاض أسعار المحروقات وتراجع سعر صرف الدولار، ما يضع علامات استفهام حول مدى التزام التسعيرة العالية التي كانت مقررة قبل هذه المتغيرات.
وفي هذا السياق، عبّرت رنا عبد الجواد، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية، عن أملها أن تكون التعليمات الجديدة بداية ضبط حقيقي، لكنها شكّكت بإمكانية التنفيذ دون رقابة حازمة: “الغرامات ضعيفة، والرقابة لا تظهر إلا حين تأتي شكوى، وما نحتاجه هو التزام مستمر وتطبيق فوري للمخالفات”.