الثورة – نيفين أحمد:
أكد المهندس الاستشاري محمد العويس- عضو لجنة الهندسة الاقتصادية وهندسة الإدارة لنقابة المهندسين، أن مرسوم إحداث مؤسسة اقتصادية مستقلة باسم “صندوق التنمية” يمثل نقلة مفصلية في مسار إعادة الإعمار، من خلال توفير ذراع تمويلية مستقلة تعمل بمعايير حديثة، وترتكز على أدوات مالية مرنة ومتكاملة، مثل اعتماد القرض الحسن كآلية تمويل اجتماعية واقتصادية إلى جانب الانفتاح على مصادر تمويل متنوعة تشمل التبرعات، الهبات، والإعانات ضمن إطار قانوني ناظم.
وأضاف العويس: إن هذه الصيغة كما وردت في المرسوم تُترجم عملياً رؤية اقتصادية أكثر انفتاحاً، وتستجيب لحاجة ملحّة لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب في القطاعات الحيوية: الطرق، الجسور، الكهرباء، المياه، الاتصالات، المطارات، الموانئ، وهي ركائز الاقتصاد الحقيقي والبنية الحاملة لنمو أي دولة.
توافق استراتيجي
ورأى العويس أن المرسوم يتقاطع بشكل مباشر مع رؤية طرحها سابقاً لإحداث “هيئة تخصصية لإعادة الإعمار”، واليوم يأتي صندوق التنمية بوصفه الترجمة المؤسساتية الواقعية لهذا المقترح معزّزاً باتصال مباشر برئاسة الجمهورية ما يُكسبه ثقة وفعالية تنفيذية عالية.
وقال: إذا تم تنفيذ هذا المرسوم بكفاءة وشفافية، فإن الأثر الإيجابي سيكون واسع النطاق، ويمكن تلخيصه في محاور تتعلق بتحفيز الاستثمار المحلي والدولي، وخلق الصندوق بيئة قانونية وتنظيمية مرنة وجاذبة للمستثمرين، ويتيح التداول بالعملات الأجنبية بحرية، وهي سابقة تشريعية محفزة، ويعزّز الثقة في السوق السوري من خلال ارتباطه المباشر برئاسة الجمهورية ما يرسل إشارات استقرار سياسي واقتصادي.
ويتطرق إلى أهميته في إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية، وتمويل مشاريع حيوية يسهم في تسريع تعافي المناطق المتضررة، ويعيد ربط المناطق بالبنية الاقتصادية ويحفّز عودة النشاط الصناعي والزراعي، وخلق فرص العمل وتقليل البطالة، ناهيك عن أن كل مشروع إعمار هو فرصة عمل لعشرات وربما مئات العمال والمهندسين، والقروض الحسنة للمشروعات الصغيرة تدفع بعجلة ريادة الأعمال وتخلق وظائف غير مباشرة.
وينوه بأهمية الصندوق في تنشيط القطاعات الإنتاجية والخدمية، من خلال ضخ السيولة في المشاريع يعيد الحركة للأسواق المرتبطة بالإنشاء والخدمات، تحريك قطاع الإسكان ينعكس إيجاباً على صناعات مواد البناء والعقارات.
وأشار إلى دوره في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والمالي، عبر تحسين الخدمات الأساسية (ماء، كهرباء، مواصلات) يعيد ثقة المواطنين بالحكومة، ودعم مشاريع البنية التحتية يعزز ظروف العودة الطوعية للنازحين واللاجئين.
شروط النجاح
وأكد العويس أنه رغم أهمية المرسوم فإن النجاح مرهون بتطبيقه بكفاءة ومهنية عالية، وذلك يتطلب استقطاب الكفاءات الخبيرة من الداخل والخارج، بما فيهم السوريون المغتربون أصحاب الخبرات في الإدارة والتمويل والهندسة وتصميم سلة مشاريع جاذبة للاستثمار، مصنفة بحسب إمكانات المستثمرين في السوق المحلي والدولي وأيضاً تنويع مصادر التمويل من خلال إصلاح القطاع المصرفي، وتحفيز المغتربين على الاستثمار عبر أدوات مرنة وآمنة، إضافة إلى تحديث البنية القانونية للاستثمار لضمان الأمان التشريعي للمشروعات.
وبين أن صدور هذا المرسوم في هذا التوقيت يثبت أن سوريا تدخل مرحلة جديدة يكون فيها الإعمار اقتصاداً لا شعاراً، والتنمية فعلًا لا وعداً، ويقع على عاتقنا كخبراء ومهنيين أن ندعم هذه الخطوة بالرؤى العملية والتنفيذية لتكون أداة تحول حقيقية في مسار التعافي الوطني.