الثورة – جهاد اصطيف:
تشهد مدينة حلب عودة فعاليات تسويقية خاصة في الآونة الأخيرة، إذ انطلقت قبل يومين فعاليات مهرجان “نسمة صيف” لأول مرة في حي الخالدية بعد انقطاع طويل، ليستمر حتى 18 من الشهر الجاري، يضم المعرض نحو 30 جناحاً متنوعاً بين المواد الغذائية، المنظفات، المنتجات المنزلية، الملابس، أدوات القرطاسية، المستلزمات المدرسية، وبعض الصناعات الوطنية، مقدمة بتخفيضات قد تصل إلى نحو 20 بالمئة في بعض الأجنحة، في محاولة لتخفيف العبء الاقتصادي عن الأسرة الحلبية.
تسعى غرفة تجارة حلب إلى إنعاش السوق المحلي عبر تنظيم معارض تسويقية دورية، دعماً للمنتج الوطني، وذلك من خلال تسهيلات تمنح للتجار والصناعيين للمشاركة وعرض منتجاتهم.. هذا التعاون المستمر بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص يأتي ضمن رؤية استراتيجية لإحياء دورة الاقتصاد المحلي عبر المعارض المتخصصة.
غياب المنافسة وتسويق بلا تحفيز
ورغم الأهداف المعلنة للمعارض والمهرجانات التي تقام بين الحين والآخر، إلا أن ما يهمنا آراء المواطنين التي بدت منقسمة، حيث أشار عدد منهم إلى أن المعارض الاستهلاكية تفتقر إلى الجانب الترويجي الحقيقي، مطالبين بالارتقاء بمستوى التنظيم وتقديم عروض تحفيزية تجذب المستهلكين، وليس فقط جمع الشركات تحت سقف واحد دون جديد يذكر.
العديد منهم عبروا عن خيبة أملهم من الأسعار المرتفعة في بعض أجنحة المعرض، حتى أن بعض المنتجات كانت أغلى من نظيراتها في الأسواق والمجمعات التجارية، وأشاروا إلى غياب التنافسية وتشابه المنتجات بين معرض وآخر، ما يقلل من عنصر الجذب.
المواطن أبو عزيز يرى أن المعارض باتت متكررة بلا إضافة، خاصة أنها تقام في نفس المناسبات السنوية “رمضان، افتتاح المدارس وغيرها”، وأكد أن الأسعار مبالغ فيها، بل أحياناً تفوق الأسعار في الأسواق، وسرد تجربته مع جناح العطور في أحد المعارض، إذ صدم بأسعار تفوق تلك الخاصة بالماركات العالمية، مؤكداً أن الجودة لا تبرر السعر، بل تعد استغلالاً.
رؤية تسويقية غائبة
المواطنة مريم، طالبت بإجراء دراسة تسويقية معمقة لتنظيم المعارض، مشيرة إلى أن كثرة المعارض وتكرار نفس الشركات والمنتجات أفقدها الجاذبية، مؤكدة ضرورة استقطاب شركات جديدة تقدم منتجات متنوعة وعروض مغرية، ما يمنح المعرض طابعاً ديناميكياً ويزيد من فرص استفادة المستهلكين.
من جهته، رأى المواطن أبو هاشم أن المعارض التجارية يجب أن تنظم باحترافية أكبر، مشدداً على أهمية مراقبة الأسعار من الجهات المعنية، حتى لا تكون إيجارات الأجنحة شماعة لرفع الأسعار واستغلال المستهلك، وأوضح أن الوعي التسويقي لدى المواطنين تطور، إذ بات الكثيرون يفضلون الشراء الإلكتروني لجودة المنتجات وانخفاض أسعارها مقارنة بالمعارض.
المعارض تحقق أهدافها
في المقابل، المواطنة ميمونة عبرت عن رضاها عن المعارض التجارية، مؤكدة أنها ناجحة وتحقق أهدافها الشرائية، واعتبرت الأسعار مقبولة ومنافسة، مع وجود خيارات متعددة تتيح للمستهلك الاختيار بين الغالي والرخيص، ورأت أن التنظيم والتسويق تحسنا بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، وأشادت بمشاركة شركات شهيرة تعكس نجاح التجربة.
يمثل مهرجان “نسمة صيف”، كغيره من المعارض والمهرجانات عودة واعدة للحركة التجارية، إلا أن الكثيرين يرون أنه ما زال في مراحله الأولى، ويحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل الأمد، يضمن له التحول من فعالية موسمية إلى نموذج سنوي مستدام يدعم الاقتصاد المحلي ويوفر بديلاً حقيقياً للأسواق التقليدية، ففي خضم هذا الحراك، برزت انتقادات لمعارض استهلاكية لا تضيف شيئاً للسوق سوى استنزاف جيوب المواطنين، من خلال سلع منخفضة الجودة والجدوى، من دون المساهمة الفعلية في دعم المنتج الوطني أو تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد.
ورغم الاتفاق العام على أهمية المعارض كوسيلة تسويقية وترويجية حيوية، إلا أن المختصين والمواطنين على حد سواء يطالبون بالتمييز بين المعارض المتخصصة التي تضيف للسوق، وتلك الاستهلاكية العامة التي تقام من دون دراسة أو جدوى، وتغرق السوق بمنتجات غير ضرورية، فالمعارض التجارية أمام مفترق طرق.. إما أن تتحول إلى منصات اقتصادية استراتيجية مستدامة، أو تظل مجرد مناسبات موسمية لا أثر يذكر لها.