الثورة – ترجمة – ميساء وسوف:
في 8 آب 2022، أوقفت روسيا مؤقتاً عمليات التفتيش الأمريكية على المواقع النووية السابقة المتفق عليها بموجب معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت الجديدة) بسبب عدم التكافؤ والمساواة في الوصول إلى مرافق التفتيش الأمريكية للمفتشين الروس.
بالنسبة لموسكو، كان القرار ناتجاً عن إخطار الولايات المتحدة الأميركية بشأن نيتها تفتيش المواقع النووية الروسية، على الرغم من أن عمليات التفتيش هذه بموجب معاهدة ستارت الجديدة قد توقفت مؤقتاً بسبب Covid-19 في أوائل عام 2020 بموافقة متبادلة.
في المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية RevCon 2022 ، بدا كلا البلدين تصالحياً فيما يتعلق بآرائهما بشأن الحد من الأسلحة.
فقد صرَّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في رسالة إلى المؤتمر، أن روسيا “نفذت بالكامل” التزاماتها الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن خفض الأسلحة النووية. وأضاف أن “الحرب النووية لا يمكن كسبها ولا يجب خوضها أبداً..”.
كما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه “حتى في ذروة الحرب الباردة، تمكنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من العمل معاً لدعم مسؤوليتنا المشتركة لضمان الاستقرار الاستراتيجي. واليوم، فإن إدارتي مستعدة للتفاوض على وجه السرعة بشأن إطار جديد للحد من الأسلحة ليحل محل معاهدة ستارت الجديدة عندما تنتهي صلاحيتها في عام 2026″، على الرغم من هذه التعليقات الإيجابية، فإن جوانب التفتيش والتحقق في المعاهدة في أزمة مؤكدة، وبالتالي، فمن المناسب تحديد التحديات قبل (نيو ستارت) والاتفاقية التي تليها.
أولاً، تختلف الولايات المتحدة وروسيا في تصوراتهما عن التهديدات تجاه ترسانة أسلحة بعضهما البعض، فواشنطن تشعر بالقلق بشأن الأسلحة الروسية الجديدة مثل الصاروخ الباليستي الذي يطلق من الجو، وصاروخ كروز والمركبة البحرية من دون طيار اللذين يعملان بالطاقة النووية والمسلحة نووياً، إلى جانب الأسلحة التقليدية عالية الدقة التي لها تأثير استراتيجي.
وبالتالي، سيتعين على الطرفين التفاوض بشأن الأولويات المختلفة لكلا البلدين في المعاهدة اللاحقة، إذا لم تتوصل واشنطن وموسكو إلى أرضية مشتركة لبدء المفاوضات، فسيكون ذلك ضاراً بجهود الحد من التسلح العالمية.
ثانياً، هناك نقاش حول نطاق المعاهدة الجديدة وما إذا كان ينبغي أن تشمل الابتكارات التكنولوجية الناشئة الناتجة عنها، تشمل التقنيات الناشئة صواريخ فرط صوتية يصعب اعتراضها، وأسراب طائرات من دون طيار قادرة على استهداف البنية التحتية للقوة المضادة عالية القيمة، وهجمات إلكترونية ضد أنظمة القيادة والسيطرة العسكرية، والقدرات المضادة للأقمار الصناعية.
وفقاً لنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، فإن الاتفاقية المستقبلية بشأن الاستقرار الاستراتيجي بين موسكو وواشنطن يجب أن تشمل الأسلحة الاستراتيجية التقليدية مع “جميع الأسلحة النووية وغير النووية التي يمكنها تنفيذ مهام استراتيجية” بصرف النظر عن الفئة الجديدة من الأسلحة، هناك مجال للمعاهدة اللاحقة لتغطية الرؤوس الحربية غير الاستراتيجية وغير المنتشرة، والتي هي خارج نطاق ستارت الجديدة الحالية.
ثالثاً، حققت الصين تقدماً مذهلاً في تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت ولديها مخزون هائل من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM).
وتوقع تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية أنه من المحتمل أن يكون لدى الصين 1000 رأس حربي بحلول عام 2030، ولديها بالفعل “ثالوث نووي ناشئ مع تطوير صاروخ باليستي يطلق من الجو بقدرات نووية، وتحسين قدراته النووية البرية والبحرية، وبالتالي، فإن أي صفقة مستقبلية للحد من الأسلحة النووية يجب أن تشمل الترسانة النووية الصينية المتزايدة بسرعة.
رابعاً، عدم قدرة الأطراف على عزل المعاهدة عن التطورات الجيوسياسية العالمية. وسبق التوقف الحالي لعمليات التفتيش رد مماثل من جانب الولايات المتحدة، حيث أوقفت واشنطن محادثات الحد من التسلح مع موسكو في بداية أزمة أوكرانيا في شباط 2022.
لذلك، لا تزال القوى العظمى السابقة تسيطر على السياسة العالمية وامتلاكها لأكثر من 90 في المائة من المخزون النووي يجعل معاهدات مثل نيو ستارت ضرورة مطلقة للقرن الحادي والعشرين.
لقد أعطى تمديد المعاهدة للجانبين صورة واضحة عن القوى الاستراتيجية لكل منهما، ووفر لواشنطن وموسكو مساحة للتفاوض بشأن اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة النووية.
في حين ابتعد العالم عن القطبية الثنائية في حقبة الحرب الباردة، تظل واشنطن وموسكو قوتين عظميين فيما يتعلق بالمجال النووي.
ساهمت معاهدات الحد من الأسلحة الثنائية، إلى حد ما، في الحد من مخاطر الحرب النووية، وتعزيز الثقة المتبادلة بين القوى العظمى المعادية، وتقليل عدد الأسلحة النووية، وتوفير الاستقرار الاستراتيجي الشامل خلال ذروة التنافس في الحرب.
