التكنولوجيا وإرهاب المجتمعات

الملحق الثقافي – مها محفوض محمد:
من المعروف أنه لكل تقنية جديدة عالمان قد يكونان متوازيين تماما بالفائدة، أو الضرر، وغالباً ننغمس بجانب منهما نظنه الأكثر فائدة لكن هل نحن في الجانب الصحيح منه ؟
وهل نستطيع دفع شرر التقنيات سواء كانت سلاحاً حربياً أم تفاعلياً كما في الفضاء الأزرق ؟
لم يقف المبدعون على الحياد وهم يرون نار الحداثة التقنية تحرق المجتمعات التي غاب فيها الوعي الاجتماعي.
ولاسيما من حيث انتشار الجرائم المنبثقة من التقنيات الحديثة، وقد يكون عالم الفضاء الأزرق هو أكثرها في هذا المجال، ولكن ماذا عن السلاح الآخر أي الحربي ؟
الكاتبة الاميركية باتريسيا كورنويل

اخترقت عالم الجريمة في الولايات المتحدة الأميركية من خلال روايتها الأخيرة «ميناء الموتى» التي صدرت منذ عقد ونيف، وفيها تعري عملية انتشار السلاح في المجتمع الأميركي وخاصة طلاب المدارس.
والروائية باتريسيا من مواليد 1956 ومعروف عنها أن أبطال رواياتها هم من يقوم بالتحقيق وكشف خفايا العنف الذي استفحل خطره في المجتمع الأميركي كالبطلة سكاربيتا في روايتها الأخيرة التي تعمل قاضية في الشرطة العسكرية.
في إحدى مقابلاتها الصحفية تقول الروائية كورنويل: إن الغزو الأميركي للعراق الذي بدأ عام 2003 دفعني للبحث في خلفية ما يحدث هناك، وأرى أنه في تلك الحرب أسرار وخفايا عسكرية من واجب بطلتي سكاربيتا أن تلتزم بالدفاع عن الأبرياء الذين طحنتهم آلة الحرب، وقد انطلقت من بيئة تلك المرأة التي تنتمي إلى أسرة متوسطة الحال لا تملك المال الكافي لمتابعة دراستها فتطوعت في الجيش الأميركي لتؤمن مصاريف دراستها وللوقوف على الحقيقة والقول للروائية: ذهبت إلى قاعدة دوفر التي تتلقى جثث الجنود الذين يقتلون في حروب الولايات المتحدة خارج أراضيها وهناك دخلت إلى ميناء الأموات وبحثت عن معلومات تساعدني على كتابة روايتي وبدأت أفتش عن عمليات التشريح الافتراضي التي تسمح لي برؤية الجثث قبل أن يدخل إليها مبضع الجراح وتتابع باتريسيا: وقد اطلعت سكاربيتا على التقنيات الحديثة التي يقوم بها الإنسان الآلي أيضاً.
وتتوقف الروائية عند رواية نشرتها عام ١990 وحققت لها نجاحاً كبيراً عنوانها «ما بعد الموت» بطلها طبيب شرعي يتحول إلى محقق كما تتحول البطلة سكاربيتا من التحقيق الصحفي إلى التحقيق القضائي ذلك لأن الروائية عملت صحفية لسنوات طويلة بعد تخرجها من الجامعة فهي تقود تجربتها الروائية إلى جانب أبطالها بالتطرق إلى قضايا تؤرق شريحة من المجتمع لا تؤيد العنف وتسعى للتصدي لعملية بيع الأسلحة في المخازن والمتاجر الأميركية.
لم تكتف كورنويل بالتفرغ للكتابة بل أسست في فرجينيا حيث تسكن شركة باسم «مؤسسة كورنويل» يعمل فيها اختصاصيون في علم التوثيق ثم نقلتها إلى بوسطن فهي لاتكتب إلا انطلاقاً من الوثائق، أي تكلف الوثائقيين بتغطية التحقيق الذي تقوم به كصحفية لتزويدها بالمعلومات، فمثلاً عندما قررت كتابة روايتها «ميناء الموتى» أخذت تذهب إلى المشرحة بنفسها لتقوم بالتحقيق وترسل إلى مشفى ماكلين التابع لجامعة هارفارد للبحث عن المرضى النفسيين وهي تشغل اليوم عضو المجلس الوطني للأبحاث.
تقول كورنويل: تتمحور رواياتي حول العنف وضحاياه في مجتمع يتغذى على العنف منذ نشوئه حيث كانت عقلية القتل (الكاوبوي) هي السائدة واستمرت عقلية إرهاب وعنف.
لذلك أردت التركيز في رواياتي على التحقيق في الجرائم وآثارها وأعمال القتل والإرهاب وكيف يتم التصرف مع أقرباء الضحايا وكيف يواجه الأمن المجرمين وتعلق الروائية على المجتمع الأميركي بالقول:
هذا المجتمع المدجج بالعنف هو عالم كل فرد فيه يدعي الحق بامتلاك السلاح دون رخصة وطبعاً عندما يمتلك الإنسان سلاحاً يعني أنه في أي لحظة يمكن أن يستخدم هذا السلاح الذي يدفعه إلى الجريمة وقد عجزت الولايات المتحدة إلى الآن في الاقتراع على قانون ينظم شراء الأسلحة وتضيف كورنويل: حتى لو نجح القانون الأميركي بالوصول إلى هذا التشريع نتساءل هل سيتمكن رجال الشرطة من استعادة الأسلحة الموجودة في حوزة المجتمع الأميركي وهذا هو الأمر المخيف وأسأل: كيف يشترط الحصول على إجازة لقيادة السيارة ولايشترط الحصول على رخصة لاقتناء السلاح، أعتقد أن ذلك يرتبط بعقلية الكاوبوي مع العلم أن المجتمع المتحضر لا يجوز أن يقبل بهذا الأمر.
ويعلق النقاد على رواية «ميناء الموتى» بأن ما تطرحه الكاتبة أمر مخيف وعن سؤالها حول ذلك تجيب:
إن التكنولوجيا الحديثة وما لها من علاقة في إرهاب المجتمع عصبياً وموضوع المخدرات التي تنتشر في الأوساط الطلابية الشبابية ثم التجارب التي يجريها البنتاغون على الجيش الأميركي، كل ذلك دفعني لكتابة «ميناء الموتى» وخاصة أن جنرالات الحرب يستخدمون هذه التكنولوجيا لإثارة التوترات في العالم وهذا ما يجعلني أتساءل: لماذا؟
العدد 1116 – 18- 10-2022

آخر الأخبار
1.65 مليون برميل.. منحة النفط السعودية تشغل المصافي وتخفف أزمة الطاقة الإعلان عن تظاهرة "أفلام الثورة السورية" في دورتها الثانية.. جهاد عبده: على الأفلام المشاركة تحقيق س... "هدية" رحلة التحدي نحو سينما تسعى للتغيير أي مستقبل نريده.. يضمن اتزان الأطفال قبل تعليمهم؟ الوزير الشيباني: شروط سوريا ثابتة وهذا موعد توقيع الاتفاق الأمني مع إسرائيل تضمنت 28 بنداً.. ما الذي نعرفه عن خطة ترامب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية؟ بنية هشة وإمكانات محدودة تثقل كاهل سكان ريف دمشق مع قدوم الشتاء وزارة الدفاع تشارك في فعاليات هيئات التدريب بالجامعة العربية بيت سحم بين تراجع الخدمات وجهود المعالجة.. الأهالي بانتظار حلول جذرية بعد القمع والحرب.. المرأة السورية تصوغ مستقبلها الآمن الطريق إلى الوعي الغذائي.. يبدأ بمسح وطني شامل أذربيجان وتركيا تعمقان تعاونهما في الملف السوري إضرابات على بعض خطوط دمشق بعد تخفيض التعرفة.. ومؤسسة النقل تتدخل لضمان الخدمة بعد انقطاع لأعوام.. عبور أول قافلة ترانزيت من سوريا إلى الخليج عبر باب الهوى مع تراجع حضور الكتاب.. الملخصات تفرض نفسها وتعمّق أزمة الدراسة الجامعية إيجارات المنازل في حلب تواصل ارتفاعها.. هل من حلول بالأفق؟ المنتخب الوطني للكيك بوكسينغ يشارك في بطولة العالم بأبوظبي مدونة السلوك الجديدة... خطوة لإعادة بناء الثقة بين المواطن ورجل الأمن تحركات حكومية تمهد لإصلاح مصرفي شامل قاتل في سوريا.. من هو "طبطبائي" الذي قتلته إسرائيل بـ"الضاحية الجنوبية"؟