الثورة – ترجمة رشا غانم:
قدّم رئيس وزراء جزر سليمان- ماناسيه سوغافاري- في كانبرا مؤخراً في زيارة رسمية له، تعهداً آخر بأنه لن يسمح لبلاده أبداً بإيواء قواعد عسكرية أجنبية.
وكان يشير على وجه التحديد إلى مزاعم لا أساس لها من الصحة، بأن الصين تعتزم بناء قاعدة بحرية في جزر سليمان، الادعاءات التي رفضتها كل من الصين وجزر سليمان مرات عديدة في الأشهر الأخيرة، ومع ذلك لا تزال القصص متداولة.
هذا وقام سوغافاري بالتعهد نفسه في وقت سابق خلال قمة دول جزر المحيط الهادئ الأمريكية في أواخر أيلول في واشنطن.
فكم مرّة يتعين على سوغافاري أن يخبر كانبرا وواشنطن أن بلاده، على الرغم من علاقاتها الوثيقة مع الصين، لن تسمح لعسكرة الدولة الجزيرة؟. وعلى الرغم من الإنكار المتكرر، فإن الولايات المتحدة وأستراليا البديلة في المحيط الهادئ تقرع هذه الطبلة باستمرار. لماذا؟
جزر سليمان دولة مستقلة ذات سيادة، وكما أشار سوغافاري في مناسبات عديدة، فإن علاقتها مع الصين هي شأنها الخاص، ولا تحتاج دولة المحيط الهادئ إلى إخبار الآخرين بمن ستتعامل معه.
نمت العلاقة بين هونيارا وبكين منذ أن حولت حكومة جزر سليمان الولاء الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في عام 2019 كما تمّ ترسيخ العلاقة في وقت سابق من هذا العام، عندما وقع سوغافاري اتفاقاً أمنياً مع بكين.
ومنذ ذلك الحين، تغذّي واشنطن وكانبرا وسائل الإعلام، بقصص تهدف إلى تشويه سمعة العلاقة ونشر مزاعم لا أساس لها من الصحة، بأن الصين تريد عسكرة المحيط الهادئ.
وتأتي مثل هذه الادعاءات من دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية،التي لديها قواعد في جميع أنحاء المحيط الهادئ وشمال آسيا – وخاصة في اليابان وكوريا الجنوبية.
أين كان الغضب الأخلاقي من وسائل الإعلام الغربية عندما أجرت القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وولايات ميكرونيسيا الموحدة محادثات في هونولولو في تموز من العام الماضي، إذ تم الاتفاق على بناء قاعدة جديدة في ميكرونيسيا، أرخبيل تضمّ أكثر من 600 جزيرة في غرب المحيط الهادئ وعلى بعد آلاف الكيلومترات من هاواي.
لدى الولايات المتحدة حوالي 375000 جندي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وهي تواجه اضطرابات محلية متزايدة لوجودها العسكري في غوام وأوكيناوا، ولا يزال سكان جزر مارشال يكافحون مع تداعيات برنامج التجارب النووية الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع ذلك، عندما تقرر دولة مستقلة مثل جزر سليمان توسيع شبكة أصدقائها الأجانب، كالصين، فإنها تثير رد فعل عنيفاً وكبيراً من واشنطن لأن الصين ليست في مجال نفوذ الولايات المتحدة.
وبعبارة أخرى، فإن نظام الحكم في الصين ليس في صورة الولايات المتحدة الأميركية، ولماذا يجب أن يكون؟.
تشعر الولايات المتحدة بالتهديد من قبل دولة أصبحت في جيل واحد قوة اقتصادية – قوة اصطفت الشركات الأمريكية لتكون جزءاً منها، حيث اعتنقت الصين الرأسمالية الغربية وقواعدها، وقد انضمت إلى منظمة التجارة العالمية والعديد من الهيئات الدولية الأخرى، وأصبحت بكين أيضاً صوتاً رئيساً على المسرح العالمي، إذ تدعو إلى السلام والاحترام المتبادل والتفاهم.
لكن هذا لا يزال غير جيد بما يكفي للكثيرين في الغرب، الذين يشعرون بأنهم ملزمون باتباع خط الولايات المتحدة. فاستخدمت سلسلة من الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمحاولة تشكيل فترة ما بعد الحرب الباردة على صورة واشنطن الخاصة ومنع دول مثل الصين من اكتساب الاحترام الذي تستحقه.
وحقيقة أن الصين تتواصل مع بعض أفقر دول العالم، يجب أن يُنظر إليها على أنها عمل لطيف وليس شيئاً له دافع خفي.
ويُذكر، أنّه عندما تحدث سوغافاري مع نظيره الأسترالي، أنتوني ألبانيز، في كانبرا في 6 تشرين الأول الجاري، قال: إن جزر سليمان لن تفعل أي شيء “من شأنه أن يقوض أمنها القومي ويهدد أمن دول منتدى جزر المحيط الهادئ”.
ومضى سوغافاري يقول: “نريد أن نكون شركاء في الاختيار. ونحن نعتبر الأمن في منطقتنا أمراً بالغ الأهمية، كما أننا نعتبر الحاجة إلى رفع مستويات المعيشة، ونوعية الحياة للناس في المحيط الهادئ أمراً بالغ الأهمية أيضاً”.
“نعم، للصين وجود في المحيط الهادئ، لكن هذا الوجود بعيد كل البعد عن بناء القواعد العسكرية”.
تواجه جزر المحيط الهادئ بعض القضايا الرئيسة، وهي بغنى عن المحاولات الغربية لاستخدامها كبيادق سياسية، كما لا يحتاج قادة جزر المحيط الهادئ إلى الاعتذار لواشنطن أو كانبرا في كل مرة يتحدثون فيها مع الصين.
المصدر: تشاينا ديلي