لص الطفولة الخفي.. هل يسلب الأهل أبناءهم؟

الثورة – ميسون حداد:

هل بات الموبايل يسرق طفولة أبنائنا من أمام أعيننا، ونحن مكتوفو الأيدي؟ فمشهد الطفل الغارق في شاشة الموبايل لم يعد عابراً، بل أصبح إنذاراً حقيقياً يهدد تركيزه ونموه وعلاقاته الاجتماعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل بات الأهل عاجزين فعلاً عن التدخل، أم إنهم يختارون راحتهم على حساب أبنائهم؟.

للحديث عن خطورة هذه الظاهرة ودور الأهل في مواجهتها، التقت “الثورة” الدكتور بهجات بلبوص، الطبيب النفسي المختص بعلاج الأطفال والمراهقين والعلاج السلوكي المعرفي، وكان الحوار بشأن تأثير الموبايل على الطفل، وبدائله الممكنة وأساسيات التربية في هذا الإطار.

القدوة.. ودور الأهل

ولفت الدكتور بلبوص إلى أنه من الأفضل أن ندرّب الطفل منذ صغره على استخدام الموبايل بشكل مسؤول، لا أقول من عمر عشر سنوات، بل من ثلاث أو أربع سنوات، يجب أن يكون للموبايل وقت محدد ووظيفة محددة، ومن المهم تعليم الطفل منذ الصغر أن لكل شيء وقته، ومساعدته على تنظيم يومه.

ويقول: يجب أن يكون هناك وقت للمدرسة، ووقت للمذاكرة، ووقت للراحة، ووقت للموبايل والألعاب الالكترونية، ووقت للنشاط الأسري المشترك”، في حين تلعب القدوة دوراً كبيراً في تربية الطفل، لذلك من الخطأ أن يبالغ الأهل في استخدام الموبايلات أمام أطفالهم، فحين يرى الطفل أهله منشغلين طوال الوقت بالشاشات، سيعتبر هذا أمراً طبيعياً ويقلّدهم من دون وعي.

بالنسبة لتأثير الموبايل على الأطفال، أوضح أنه لا توجد دراسات شاملة وكافية، وإن وُجدت فقد لا تشجّع بعض شركات الالكترونيات على نشرها، لكن بالملاحظة العامة، فإن الاستخدام الطويل للموبايل أو الألعاب الإلكترونية يترك أثراً كبيراً على دماغ الطفل.

صحيح أن كلمة “إدمان” قد تكون قوية، ولا نتحدث هنا عن إدمان جسدي أو فيزيائي، لكن يحدث تغيير في الدارات العصبية للدماغ، ما يجعل الطفل يركز اهتمامه على الألعاب الإلكترونية فقط، ويترك الأنشطة الأخرى التي كان يستمتع بها، مثل اللعب بالكرة أو بالرمل أو غيرها..هذا التوجّه- حسب د. بلبوص- يؤثر بشكل واضح على تركيز الأطفال، ما ينعكس على ذاكرتهم وأدائهم الدراسي، كما أن العزلة الاجتماعية تصبح أكثر وضوحاً، فلا يتعلم الطفل المهارات الاجتماعية المعتادة من اللعب مع أقرانه أو من الأنشطة العائلية، بل ينعزل في عالمه الخاص.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل ينعكس على صحته الجسدية بسبب قلة الحركة، ما قد يسبّب تأخراً في النمو والاستقلالية.

هذا لا يعني حرمان الطفل من الموبايل نهائياً، لكنه يجب أن يكون جزءاً صغيراً من جدول يومه، لا أن يطغى على كل وقته.

وأشار إلى أنه للأسف، كثير من الأهل في البداية يشعرون بالراحة عندما ينشغل الطفل بالموبايل، فيستغلّون الوقت لنشاطاتهم الشخصية، ومع الوقت يدركون متأخراً أن هذا الخيار لم يكن في مصلحة طفلهم، لذلك يجب الانتباه إلى هذه المسألة منذ وقت مبكر.

البدائل

وأوضح د. بلبوص أنه من الضروري أن تقضي العائلة وقتاً مشتركاً بعيداً عن الشاشات، يمكن تنظيم نزهات قصيرة في الهواء الطلق، والاستمتاع باللعب الحركي بمشاركة الأهل، إذ إن تعلّم هذه الأنشطة الطفل التفكير والتخطيط والتحليل، وتمنعه من الانغماس الكامل في الموبايل، كما تعزز هذه الفعاليات شعور الطفل بالانتماء والمشاركة في الحياة الأسرية.

ويمكن أيضاً استثمار الزيارات العائلية كفرصة تعليمية، فنضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، مثلاً: يمكن أن يسأل الأهل الطفل: “ما رأيك أن نزور أحد الأقارب اليوم؟” أو “ما رأيك أن نخرج لشراء حاجيات البيت؟”، ثم نمنحه مهام عملية مثل حساب الفاتورة أو دفع ثمن المشتريات.. هذا يعلمه مهارات حياتية مهمة ويعزز ثقته بنفسه.

الاعتدال من أساسيات التربية

وبين د. بلبوص أنه من المهم عدم استبعاد الطفل من الأعمال المنزلية بحجة صغر سنه، ويمكن دعوته للمشاركة وطلب رأيه، وترك حرية الاختيار في بعض الأمور حتى لو لم يكن هناك جواب “صحيح” أو “خاطئ”.

هذه الطريقة تعزز المسؤولية وتشجع الطفل على المشاركة الفعالة، كما تمنحه شعوراً بالثقة والقدرة على اتخاذ القرار.

كما يمكن تشجيع الطفل على ألعاب ذهنية غير الكترونية، مثل الشطرنج أو ألعاب التفكير الأخرى، فهي تساعد على تنمية الذكاء والتركيز، الخيارات كثيرة، والمسألة تحتاج إلى إبداع الأهل في البحث عن البدائل وتشجيع أطفالهم على خوض تجارب متنوعة تنمّي شخصياتهم ومهاراتهم.

وأوضح أنه من المهم تذكر قاعدة أساسية في التربية، وهي الاعتدال وعدم المبالغة في أي شيء، فكل إفراط قد يؤدي إلى نتائج عكسية، الإفراط في حماية الطفل ليس صحياً، مثل منع بعض الأمهات أطفالهن من اللعب خارج المنزل خوفاً من اتساخهم أو تعرضهم للخطر، فالطفل يحتاج إلى اللعب والتجربة، لكن تحت مراقبة مناسبة من الأهل، ويكون محمياً من دون أن يشعر بالحرمان.

والأمر نفسه ينطبق على تلبية احتياجات الطفل، فالمبالغة في تلبية كل رغباته قد تكون مؤذية أكثر من الحرمان، لأنه يفقد الإحساس بقيمة الأشياء، من المهم أن يعرف الطفل أن ما يملكه لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة جهد وعمل.

تكليف الأطفال

وأضاف د. بلبوص: مرة سألني أولادي عن المبلغ الذي أدفعه لحارس البناء مقابل تنظيف السيارة، فاقترحوا أن يتولوا المهمة مقابل نفس الأجر، وافقت، وأصبحوا يستيقظون باكراً قبل المدرسة لتنظيف السيارة، صحيح أنهم لم يلتزموا كل يوم، خصوصاً في أيام الامتحانات أو التعب، لكنهم تعلّموا درساً عملياً عن قيمة المال والجهد، وتنظيم الوقت، واتخاذ القرار فيما إذا كان العمل يستحق التعب أم لا.

قد يظن البعض أن تكليف الأطفال بهذه المهام أمر غير مناسب، خصوصاً في بيئة ميسورة، لكن النتيجة كانت تعليمهم أن العمل ليس عيباً، وأن الحصول على ما يريدونه يحتاج إلى سعي ومثابرة وجهد.

آخر الأخبار
الانتخابات البرلمانية.. خطوة لترسيخ الاستقرار المؤسسي وتعزيز المشاركة الشعبية "مكافحة الانتحار".. برنامج توعوي لمستشفى ابن خلدون في حلب أسعار الفروج تحلّق..وقطاع تربية الدواجن يواجه صعوبات باستمراره مذكرة تفاهم بين سوريا واليونيسف بشأن المسح العنقودي متعدد المؤشرات سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تواصلان العمل بشأن القضايا العالقة بينهم السوريون .. منحة ألمانية بقيمة 30.9 مليون يورو لدعم تعليم الأطفال في الأردن "كهرباء القنيطرة" تجري صيانة لمحطة تحويل أيوبا "المواطن شريك في الرقابة".. منصة رقمية لتجفيف منابع الفساد وترسيخ الشفافية إدخال فندق "صلنفة بارك بلازا" إلى الخدمة يعزز السياحة الجبلية "دير العز".. حين تتكاتف الأيادي لإحياء مدينة أنهكها الخراب حيدر وردة.. رياضي رفع العلم والقضية معاً خدمات طبيّة على مدار الساعة.. 1172 عملية جراحية قدمها مستشفى اللاذقية الجامعي شراكة جديدة بين مستشفى الرازي بحلب ومنظمة "IMC" ريال مدريد ينفرد بقمة الدوري الإسباني الدوري الإنكليزي.. ثلاثيّة لآرسنال في شباك نوتنغهام هل سنرى اتحاد محترفاً يقود اللعبة أم سيبقى اتحاداً هاوياً وغير محترف عطية القوى: الحصاد الوفير نتيجة التنقيب عن المواهب وتطويرها البرتقالي يُرجئ البدء بتدريباته وجوه صاعدة ومحترفون جديد ناشئي الكرة الصدارة لنابولي والكلاسيو لليوفي