حسين صقر:
من منا لم يكن له حاجة في مؤسسة حكومية مالية كانت أم قانونية أم خدمية، ولم تواجهه مشكلة ما بسبب خطأ صغير على ورقة أو كتاب أو في سجل، وذلك نتيجة خطأ محرر هذا الكتاب أو ذاك، إما سهواً أو لعدم خبرته أو لضعف إمكاناته في الكتابة والإملاء والخط أيضاً.
هذا يذكرني بالصفوف الابتدائية الأولى عندما كان يركز لنا معلمو المدارس في مادة اللغة العربية على القراءة الصحيحة وتهجئة الحروف، والإملاء و خاصة الخط، وكنا نتذمر أحياناً من كثرة حصص الإملاء منظوراً كان أم غير منظور، وفي موضوع التركيز على الخط، ونسأل أنفسنا لماذا كل ذلك؟.
وعندما كبرنا ودخلنا معترك الحياة، وجدنا أن كل ما يتعلمه الإنسان يرتبط النجاح فيه بالتعبير والخط والإملاء حتى يستطيع إيصال ذاته، رغم قلة استخدام الورق في الكتابة والتحول الرقمي.
وعن تلك الأخطاء، بالطبع لايجوز التعميم، ولانفعل ذلك، لأن هناك بعض الموظفين خطوطهم واضحة وكتابتهم تكاد تضاهي مختصي اللغة، واليوم هناك الكثير من التسهيلات للحصول على البيانات من النافذة الواحدة، ونسبة الأخطاء تكاد تكون معدومة، ماخلا بعض البيانات التي تم إدخالها خطأ نتيجة كتابتها بشكل خاطىء منذ تحريرها على الورق، في وقت لا تزال فيه بعض المناطق التي لم تؤتمت سجلاتها ويعاني مواطنوها من تلك الأخطاء.
و كأمثلة لبعض الأخطاء التي تسببت بإرباك أصحابها، مثلاً في إحدى المعاملات العقارية وتأويل الموظف لكلمة حق الانتفاع، وتبديلها بالارتفاق بالضوء والهواء، مازال أحد المواطنين يعاني إصلاح ذلك الخطأ في معاملته، وكأنه لم يفعل شيئاً منذ البداية، والجميع يعرف صعوبة المعاناة في بعض الدوائر نتيجة الروتين، بينما واجه مواطن آخر نتيجة اجتهاد بعض الموظفين بإضافة كلمة «باسم» على الاسم الحقيقي حتى بدت تلك الكلمة وكأنها جزء من الاسم، وهنا بدأت رحلة عذابه والعودة بالمعاملة بدءًا من المربع الأول أو المرحلة الأولى، هذا فضلاً عن الأخطاء التي تحدث أثناء تسجيل واقعات الولادة والوفيات، ومنح طلبات ووثائق عدلية وجنائية، حيث عانى أحدهم نتيجة اجتهاد الموظف بتسجيل جنس ابنته ذكراً، لأن اسمها يحتمل الوجهين.
فتلك الأخطاء على صغرها، غالباً ما تتسبب بمعاناة كبيرة، وذلك نتيجة عدم معرفة الموظف بالكثير من المصطلحات التي يلجأ إلى تأويلها خلال تدوينها، وهو ما ينتج عنه مشكلات قانونية، وأحيانا يخطئ بكتابة اسم المراجع أو صاحب الشأن، وفي أحيان أخرى يحتاج مترجم لقراءة ما هو مكتوب على ذلك الطلب أو إخراج القيد مدنياً كان أم عقارياً، ولهذا من الضروري أن يخضع الموظف المتقدم لعمل لاختبار في الإملاء والخط وأن يتم التركيز على ذلك تفادياً لأخطاء قد تقع في المستقبل ويدفع ثمنها أناس لايملكون في حياتهم لا الوقت الكافي لإصلاحها ولا حتى الإمكانية المادية، وبهذا يتم تأخير معاملاتهم لتصحيح تلك الأخطاء أو ربما خسارة شيء مهم في حياتهم.
ولهذا كله وتجاوزاً لتلك الصعوبات والمعاناة التي لايشعر بها إلا صاحبها لابد من التركيز أثناء القبول الوظيفي على موضوع اللغة، خاصة أنها لغتنا، وبدل الاهتمام باستخدام المصطلحات الأجنبية حتى نعرّف الآخرين بأننا من أصحاب الثقافات، من الأجدر الاهتمام بلغتنا ومصطلحاتنا للحفاظ عليها أولاً، ولتخفيف المعاناة نتيجة الأخطاء ثانياً.