الشركات العامة الصناعية.. البدائل التسويقية وتنويع المنتجات سبيلها للخروج من المأزق

وفاء فرج:
تسويق أغلب منتجات القطاع العام الصناعي مرتبط بالجهات العامة حيث يصل معظمها حد الحصرية وبالتالي في حال فقدت هذه الشركات زبونها الأساسي سيعرضها إلى الخسارة في حال عدم وجود بديل.. ما الذي يمنع أن تكون المنتجات موجهة الى الأسواق المحلية والخارجية حتى لا تكون عرضة لأي مشكلات تسويقية والوقوع في الخسارة؟.
معاون وزير الصناعة المهندس أسعد وردة أكد أن الوزارة ومن خلال المؤسسات العامة الصناعية وشركاتها التابعة تقوم بتأمين احتياجات جهات القطاع العام والسوق المحلية بالمواد والسلع الضرورية حسب الطاقة الإنتاجية ومدى توفر المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج بالظروف الحالية.
وأضاف وردة أن الأمر يختلف من حيث الأداء وكم الإنتاج ومدى توفير السلع بين مؤسسة وأخرى وشركة وأخرى من حيث الظروف التي تعمل بها فمثلاً كانت المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان تؤمن احتياجات شركات الغزل في القطاعين العام والخاص من مادة القطن المحلوج وبذور القطن المادة الأولية لشركات عصر واستخلاص زيت بذر القطن، لكن وبسبب خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المناطق الشرقية والجزيرة نتيجة إرهاب الاحتلال الأميركي والتركي وعصاباتها تراجع الإنتاج المورد للمؤسسة بشكل كبير مما أدى إلى تراجع الإنتاج من القطن المحلوج وبذور القطن.
في حين أن المؤسسة العامة للصناعات النسيجية كانت تؤمن قبل الحرب على كافة احتياجات شركات النسيج في القطاعين العام والخاص مادة الغزول القطنية وبمواصفات جيدة جداً، وتقوم خلال شركاتها التابعة بتأمين احتياجات ( وزارة الصحة ـ إدارة المهمات) من المستلزمات الطبية المستهلكة والقطن والشاش الطبي وكذلك المشافي التابعة لوزارة التعليم العالي، واحتياجات الفلاحين من الشلول القطنية من خلال تزويد المصرف الزراعي التعاوني بالكميات المطلوبة حسب تقديرات وزارة الزراعة، ورغم ذلك فإن التشابكات المالية مع هذه الجهات في بعض الحالات تؤثر أيضاً على السيولة.
كذلك الأمر فقد تراجع الإنتاج كثيراً في شركات الزيوت في القطاعين العام والخاص والذي بدوره انعكس على فقدان مادة أساسية من السوق وهي زيت بذر القطن ومادة الكسبة المادة العلفية.
وقال وردة: من حيث حجم التسويق لدى شركات القطاع العام الصناعي لبعض المنتجات فإن الإنتاج والتسويق لصالح جهات القطاع العام تشكل النسبة الأكبر في حجم عمل تلك الشركات مثال ذلك الصناعات النسيجية، حيث تعمل شركات النسيج والألبسة على تأمين احتياجات إدارة المهمات العسكرية من الأقمشة والألبسة المتنوعة، كذلك شركة الأحذية تقوم بإنتاج الأحذية العسكرية.
أما بالنسبة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية فإن شركات الألبان وشركة الكونسروة تقوم بتأمين احتياجات إدارة التعينات من المواد الغذائية، ومع ذلك فإن الجهات المذكورة (إدارة المهمات وإدارة التعينات) هي الزبون الأكبر والأهم بالنسبة لشركات القطاع العام المعنية بهذا الإنتاج لكن تجدر الإشارة إلى أن نسبة هامش الربح المحقق لتلك الشركات متواضع جداً ولا يقارن بنسب هامش الربح المتعارف عليه ضمن هذا القطاع في السوق الذي يتراوح بين (15% – 25% ) إضافة إلى طول فترة التسديد نتيجة آلية التسديد والدفع التي تخضع لإجراءات روتينية مما يؤثر على السيولة المالية لدى تلك الشركات، ورغم ذلك مازالت قادرة على تأمين احتياجاتها من المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج لتلبية احتياجات السوق المحلية.
وبين وردة أن حجم الأعمال بين شركات القطاع العام الصناعي وجهات القطاع العام الأخرى تساهم في تشغيل تلك الشركات وتحقيق نوع من الاستقرار بالإنتاج لكن العائد الاقتصادي التجاري قليل كون الربح المادي ليس هدفاً بحد ذاته بالنسبة لعلاقاتنا مع القطاع العام، ومع ذلك تسعى شركات القطاع العام الصناعي عموماً (الغذائية – النسيجية- الهندسية – الكيميائية) إلى تلبية احتياجات السوق المحلية من المواد والسلع الاستهلاكية وغير الاستهلاكية ومثال ذلك منتجات شركات كابلات دمشق وحلب التي تغذي احتياجات القطاع العام (وزارة الكهرباء وغيرها) وتغذي السوق المحلية بالأسلاك الكهربائية ذات المواصفات الجيدة والأسعار المنافسة ومنتجات المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية (الدهانات – المنظفات) أيضاً تغذي هذه الشركات احتياجات كل من القطاعين العام والخاص لكن قدرتها التنافسية في السوق أمام منتجات القطاع الخاص أقل وذلك يعود لعدة أسباب منها قدم الآلات وخطوط الإنتاج، صعوبة تأمين المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها بشكل كبير، ونقص اليد العاملة المؤهلة مما يؤدي لارتفاع تكاليف الإنتاج لديها من جهة ثانية، مشيراً إلى المواصفات القياسية والجودة التي تلتزم بها شركات القطاع العام وهو ما ينطبق أيضاً على شركات الألبان والكونسروة.
وبين وردة أن منتجات الإسمنت ومواد البناء رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير ، إلا أنها مازالت تزود السوق المحلية بالإنتاج من خلال تزويد مؤسسة العمران بكامل الإنتاج لتسويقه في السوق المحلية، والشركة العامة للمياه يتم تسويق منتجاتها بشكل كامل عبر جهات القطاع العام (المؤسسة السورية للتجارة – المؤسسة الاجتماعية العسكرية) لتأمين هذه المادة في السوق المحلية إلا أن الشركة تعاني من نقص شديد في السيولة ناتج عن البطء الشديد في عمليات التسديد من قبل الجهات المسوقة مما يؤثر بالتالي على العملية الإنتاجية لدى الشركة وعموماً لدى المؤسسة العامة للصناعات الغذائية التي كان من الممكن أن تستخدم جزءاً من هذا السيولة في دعم بقية الشركات مثل الألبان والكونسروة لتأمين احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج.
مدير المؤسسة العامة للصناعات الغذائية المهندس إبراهيم نصرة أوضح أن الجهات العامة زبون هام وأساسي لكافة شركات القطاع ولكنها ليست الزبون الوحيد فمنتجات القطاع العام موجودة في الأسواق المحلية وذات جودة ومواصفات عالية إلا أن حصتها السوقية ضعيفة حيث تلبي حاجة الجهات العامة والفائض يتم طرحه في الأسواق موضحاً أن المؤسسة تعاني بشكل رئيسي من نقص المواد الأولية وعدم تحقيق طاقاتها الإنتاجية (نقص توريد مادة الحليب-بذر القطن-العنب) وفي حال توفر المادة الأولية والعمل بالطاقات القصوى المتاحة فإنها قادرة على تلبية حاجة السوق المحلي وتحقيق ريعية اقتصادية مؤكداً أن أرباح المؤسسة لغاية 31/10/2022 حوالي 30 مليار ليرة.
من جهته مدير شركة كابلات دمشق المهندس عبد القادر قدور أكد أن إنتاجهم مسوق لوزارة الكهرباء كون أغلب القياسات من الأسلاك المنتجة تلبي طلبها، منوهاً إلى أن الشركة تنتج جزءاً من الأسلاك التي يحتاج السوق المحلية، مبينا أن الشركة تنتج جميع الأسلاك وليس إنتاجاً حصرياً وهو مسوق بالكامل وحققت الشركة أرباحاً جيدة وزعت جزءاً منها للعاملين حيث وصل حجم الأرباح الموزعة ٥٠٠مليون ليرة نصيب كل عامل مليون و٢٠٠ ألف ليرة.
من جهته مدير شركة المنظفات سار هشام فريج أوضح أن بيع الجهات الصناعية منتجاتها للقطاع العام من شركات ومؤسسات هو تلبية لحاجات هذه الجهات وليست مصدراً أساسياً لتسويق منتجاتها كون هذه الجهات محتاجة فعلاً لهذه المنتجات، الشيء الآخر هو الجودة العالية التي تقدم من خلال منتجات هذه الشركات والتي لا يستطيع القطاع الخاص تقديمها، يضاف إلى ذلك التعامل بين جهات القطاع العام المختلف بالإضافة إلى سياسة دعم هذه القطاعات لبعضها البعض وتأمين احتياجاتها من بعضها من دون تدخل وسطاء كما يجعل العملية التبادلية بالمنتجات مربحة لجميع الأطراف من دون خسارة وتحقيق الأرباح المرجوة، لافتاً الى أن الكثير من المؤسسات والجهات لا تلتزم بالشراء من جهات القطاع العام وتبحث عن الأرخص دون البحث عن الجودة التي تقدم من خلال هذه الشركات، لذلك لابد من حصرية الشراء من القطاع العام وبعدها البحث في الأسواق عن غير المتوفر.
وبين فريج أن التسويق لجهات الدولة جزء له دور والباقي يعتمد على التسويق في الأسواق بشكل عام ولدينا جزء كبير من المنتجات المختلفة مسوق بجميع الاتجاهات وتحقق أرباحاً، مبينا أنه في الوضع الحالي فإن شركة سار وكونها في مكان مستأجر وطاقتها الإنتاجية محدودة فإن اعتمادنا الأول هو على القطاع العام وليس لدينا الإمكانية لتغطية كل السوق بحجم الطاقة المتاحة حالياً ولهذه الأسباب يمكن في حال عدم الحصرية أن تتأثر الشركة ولكن بشكل بسيط.
بدوره مدير شركة الجوارب وخيوط النايلون عبد الكريم العك أكد أنه ليس هناك حصرية كلية وإنما هناك جزء مسوق في الأسواق الداخلية، مشيراً الى أن هناك شركات تخسر بعقود القطاع العام نتيجة ارتفاع الأسعار ولا يتم إعطاؤنا فرق الأسعار مبيناً أنه لولا عقود الجهات العامة لكانت الشركات خاسرة .

من جهته مدير شركة الأحذية شريف الحسن قال إن المنتج المميز لكل شركة على حدة والقدرة التنافسية في السوق له الدور الكبير في نجاح الشركات وتسويق إنتاجها عن طريق تقديم منتج يتمتع بمواصفات فنية متميزة وتقنيات ذات جودة عالية  ،وليس الحصرية بمعنى تفويض لإنتاج عادي مضمون التصريف وأضاف : ربما العمل ضمن اتجاه واحد لمنتج معين يعطي مع الزمن خبرة وتطور أكثر ..وليس مبررا على الاطلاق ان تكون الحصرية على حساب الجودة ،فمثلا المنتج الذي تنتجه الشركة العامة لصناعة الأَحذية في عملية تنافس دائم سواء مع القطاع الخاص أو الجمعيات التعاونية أو الإنتاجية.

وبين أن هذا الأمر يدفعنا بشكل دائم لتطوير إنتاجنا وأداء عملنا لنكون قادرين على المنافسة وتصريف المنتج والعودة بالأرباح.

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى