الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
مع تزايد انكماش وضع المثقف، وتضاؤل تأثير إبداعه، وصعود مشاهير لا يمتلكون سوى سطوة مواقعهم التواصلية، كيف تبدو مكانته، وهل يمكنه له أن يستمر كحامل للتغيير الثقافي والتطور المجتمعي، باعتباره أهم عنصر في العلمية الثقافية برمتها…؟
إذا بدأنا من الفكرة الأخيرة، فإننا نعيش مع حالة غياب لدور المثقف ونراه في الآونة الأخيرة، ينحصر في انتاج شخصي، لا يوزع إلا ضمن دائرة، لا يمكنها التأثير بشكل كبير، الأمر الذي يغيب دوره ويترك لمنافذ الانترنت المختلفة، أي لثقافة هشة تغيب فيها القراءة ويتلاشى حضور الكتاب..
إن تهميش دور المثقف لا يتيح له أن يكون منتجاً حقيقياً للثقافة خاصة في ظل أوضاع تشوه الثقافة الجوهرية وترمي بها إلى الخلف، مستعرضة كل ما من شانه أن يودي بها، الأمر الذي يضع المثقف في حالة خلل لا هو قادر على القفز على الواقع المشتت الذي يعاني اهتزاز ثوابته في السنوات الأخيرة، وحتى الآن لايزال يبحث في أولوياته المعيشية، وفي الكثير من الأحيان مستعد للتبذير في نتاجه الفكري لصالح معايرات علمية ومادية عليا، لم يعد أحد حتى من مجايليه حتى لو كانوا قدامى يتمسكون بها..
بعد الانتكاسات العربية، كأن المثقف هو الآخر عانى من انتكاسات، كل ما حوله يستغني عنه ويستبدله بدمى فارغة فكرياً ممتلئة شكلياً…
في هذه الظروف هل بالإمكان إعادة دور المثقف وتفعيله…؟
ونحن نعيش حالات تحلل لكل ما ماهو ثقافي وفكري وحضاري…الأمر الذي يجعل القابع في هذا الظرف مقيداً بل ومهدداً بسيطرة مناخ تسطيحي منهجه الخواء ولا شيء سواه…!
أين ملاذ المثقف من هذا كله…؟
وأين تلك المشاريع التي نهضت في فترات سابقة…؟
ومع أول حراك بدا أنها لم تؤسس لتكون دعامة تنطلق منها مختلف مشاريع التنوير، فمع أول احتكاك بدت بنيات ثقافية مهترئة آيلة للسقوط، ليحل بديل نعيش مع نتائجه حتى اليوم…!
العدد 1122 – 29-11-2022