الحسكة- مكتب الثورة
سادت حالة من الارتياح بين مزارعي الحسكة بعد نزول هطولات مطرية جيدة، نهاية تشرين الثاني الحالي وبلغت ذروتها في منطقة المالكية بأكثر من 60 مم عقب انحباس للأمطار دام سنتين منذ نهاية 2020، حيث يعتمد المزارعون في المنطقة التي تعد خزاناً للمحاصيل الاستراتيجية في سورية على مياه الأمطار بالدرجة الأولى لري أراضيهم المزروعة بمختلف المحاصيل، خصوصاً القمح والشعير.
وتعتبر محافظة الحسكة المصدر الأهم لزراعة القمح والشعير والقطن والعدس، وبعض المحاصيل المهمة الأخرى، التي تقسم زراعياً وفق معدلات الهطول، إلى خمس مناطق استقرار، حسب مصادر مديرية الزراعة، وتبدأ تلك المناطق من الشمال، بمنطقة الاستقرار الأولى، التي يبلغ معدل الهطول السنوي فيها نحو 400 ميلمتر، ثم الثانية والثالثة والرابعة والخامسة باتجاه الجنوب، ويكون معدل الهطول في آخر منطقة للاستقرار وأكثرها ضعفًا 150 ميلمتراً.
وتشير معطيات مديرية الزراعة بأن الهطولات المطرية الشهر الحالي تعتبر حاسمة في مستقبل الموسم الزراعي، لأن مرحلة الإنبات من أهم المراحل التي تحتاج إلى الري المناسب، وفي أوقات معيّنة، لتكون النباتات الناتجة قوية، وبالرغم من غياب الدعم الحكومي فقد نشط الفلاحون والمزارعون في القرى وبين الأراضي الزراعية خلال الأيام القليلة الماضية للاستمرار في تجهيز الأراضي وزراعتها في ريف المحافظة.
بالرغم من غلاء سعر بذار القمح وارتفاع أجور حراثة الأراضي وأجور العمال، منذ عدة أيام يستمرّ الموسم الزراعي طيلة الشهر القادم في شقيه المروي والبعلي.
يعاني الفلاحون من صعوباتٍ عدة في زراعة الأرض، فإلى جانب الغلاء الفاحش في أسعار البذار يلاقي الفلاح صعوبةً كبيرةً في الحصول على الأيدي العاملة، ويضطر المزارعون لشراء البذار من التجّار الذين يتحكّمون بالأسعار لميليشيا “قسد” الانفصالية المدعومة من الاحتلال الأميركي حيث وصل سعر الكغ الواحد من البذار من 2300 ليرة إلى 2500 ليرة للقمح، وبلغ سعر الكغ الواحد من الشعير في السوق السوداء 3000 ليرة سورية.
تحديات تواجه المزارعين
يقول المزارع عبد الحميد علي والذي يملك أرضاً زراعية في ريف عامودا إنّ صعوباتٍ عديدة يواجهونها في الموسم الحالي، ولاسيما مع تأخر الأمطار الخريفية خلال الشهر الماضي وغلاء الأيدي العاملة، وأجور النقل وغيرها من المصاريف الكثيرة، إضافة لفرض المؤسسات التابعة لـ «قسد» أسعاراً مرتفعة لشراء ضروريات الزراعة فالبذار يباع بسعر 2500 ليرة للكيلو..
في حين يتم بيع مادة السماد بسعر 700 دولار أميركي للطن الواحد بعد ترخيص 70% منها فقط، مع دفع رسوم مالية تصل إلى 500 ليرة عن كل دونم تحت مسمى (قيمة عقد) لخزينة «قسد».
وبخصوص المصاريف، قال المزارع عماد الحسن إن أجور حراثة الأرض بآلة «الهارو» الملحقة بجرار زراعي، مع مصاريف أخرى من نقل وعمال وغيرها وصلت إلى 30 ألف ليرة سورية للدونم الواحد للمروي و6 آلاف ليرة سورية للبعل مع تحكم أصحاب الجرارات بالفلاحين في حين كانت العام الماضي 10 آلاف للمروي و2500 للبعل، إضافة إلى تأخر توزيع مادة المازوت لضرورة الزراعة من قبل الميليشيا الانفصالية التي تسيطر على تلك المناطق بقوة السلاح مع معلومات عن نيتها رفع سعر المحروقات هذا الموسم.
يذكر أن الخطة الزراعية للموسم الزراعي 2022-2023، التي أصدرتها مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في الحسكة تضمنت زراعة 290632 هكتاراً بالقمح المروي و424124 هكتاراً بالقمح البعل، في حين يبلغ مساحة الشعير المروي المخطط زراعتها 28250 هكتاراً إضافة إلى 274839 هكتاراً بالشعير البعل وللقطن 6800 هكتار.
تحسن في المساحات الرعوية
ومع تحسن واقع الهطول المطري يأمل مربو الثروة الحيوانية في الحسكة استمرار الفعاليات الجوية الماطرة، والمساعدة في إنبات المساحات الرعوية التي تتغذى عليها قطعانهم، ما يوفر لهم المادة العلفية قليلة التكلفة.
وبين رئيس دائرة الإنتاج النباتي بزراعة الحسكة المهندس جلال بلال أن الأمطار التي هطلت وتوقعات استمراريتها خلال الفترة القريبة القادمة مترافقة مع الأجواء الدافئة، ستساهم في نمو النباتات والحشائش الطبيعية، ولاسيما في المناطق المنخفضة، مشيراً إلى أهمية ذلك بتوفير مادة غذائية مفيدة لمختلف قطعان الثروة الحيوانية بعد طول فترة جفاف عانت منها الثروة الحيوانية، ما سيؤدي إلى تحسن واقعها، إضافة إلى تشجيع الفلاحين على زراعة أراضيهم بالمحاصيل الرعوية كالشعير والجلبان، وغيرها من المحاصيل الرعوية التي تزرع بعلاً ورياً.
وأضاف: إن المساحة المخططة لزراعة المحاصيل الرعوية في المحافظة للموسم الشتوي الحالي تبلغ 46 ألف هكتار موزعة في مختلف المناطق الزراعية، وتشمل الشعير الرعوي والجلبان، والبقية ستسهم في زيادة كميات العلف الأخضر المنخفض التكلفة لمربي الثروة الحيوانية.
زراعة الشعير الرعوي
من جهتهم عدد من مربي الثروة الحيوانية ممن لديهم حيازات زراعية ومنهم فرهاد احمد من أهالي قرية خالد أكد أنه سيخصص جزءاً من أرضه الزراعية لزراعة الشعير الرعوي الذي يسمى محلياً (الجاير)، بهدف تأمين مادة العشب الأخضر لقطيع أغنامه مشيراً إلى أن القطيع الذي يتغذى على المواد العلفية الجاهزة فقط غالباً ما يكون عرضة أكثر للإصابة بالأمراض بعكس القطعان التي تتغذى على الحشائش الخضراء والمواد العلفية.
المربي محمود حسين من أهالي قرية جولما أكد أن أمطار الخير مبشرة على صعيد الزراعة وتربية الماشية بعد موسم جفاف أثر على إنتاج الثروتين الزراعية والحيوانية، وكبد الفلاحين والمربين خسائر كبيرة معبراً عن أمله باستمرار الفعاليات الجوية الماطرة لدورها في تحسن واقع المراعي، والمساحات الخضراء في المحافظة وتحسن واقع تربية الثروة الحيوانية.