حمص – سهيلة إسماعيل
لا يفوِّت صناعيو حمص أي فرصة سانحة لعرض مشكلاتهم والصعوبات التي تقف عائقاً في وجه انطلاقتهم في قطاع يعوِّل عليه الكثيرون دعم الاقتصاد الوطني وتحسينه، ما ينعكس إيجاباً على حياة المواطن من خلال ازدياد قدرته الشرائية.
وتعد المؤتمرات السنوية لغرفة صناعة حمص أهم منبر لطرح تلك الصعوبات، مع أنَّ ليس كل ما يطرح يلقى آذاناً مصغية لدى من يهمهم الأمر، بدليل تكرار المطالبات ذاتها في كل مؤتمر، لا بل نستطيع القول إن بعض الصعوبات تفاقمت وأصبحت معالجتها تتطلب وقتاً طويلاً وجهداً.
وعلى المقلب الآخر نقرأ ونسمع تصريحات لمعنيين في قطاع الصناعة عن زيادة عدد المنشآت الصناعية العاملة العائدة للعمل بعد توقف عدة سنوات بسبب الحرب العدوانية على سورية، وعن ازدياد عدد المستثمرين في المدينة الصناعية بحسياء، ما يؤكد وجود تناقض تام بين التصريحات والواقع المعاش، أو أن هناك من يريد أن يجمِّل الواقع حتى لو طمس الحقيقة وأخفاها..!!
توقفنا عن العمل …
الصناعي نضال برجود عبر عن عدم ارتياحه نتيجة ما يعاني منه الصناعيون في حمص، ولاسيما أنه صاحب معمل لصناعة الأسمدة الذوّابة في حسياء الصناعية، ولخّص المعاناة قائلاً: انطلقنا بالعمل مع بداية الحرب العدوانية على سورية وكنا في طور التجريب، ثم توقفنا بسبب انعكاسات الحرب العدوانية وعدم توافر المحروقات وارتفاع أسعار المواد الأولية وعدم وجود سوق لتصريف المنتجات، لذلك اتجهنا للعمل بالقطاع الزراعي الذي أصبح هو الآخر يعاني الكثير وللأسباب عينها وهي عدم توافر المحروقات والتيار الكهربائي، ومؤخراً الارتفاع الكبير والجنوني بأسعار الأسمدة.
بينما قال الصناعي إحسان حالو وهو صاحب معمل لصناعة أطباق الفلين وكاسات البلاستيك ويوفر فرص عمل لـ 40 عاملاً إن عدم توافر المحروقات هي أهم مشكلة يعاني منها الصناعيون في حمص، وتساءل عن سبب عدم إفساح المجال لاستيراد المحروقات من قبل تجار لديهم القدرة على ذلك لتوفير المادة في السوق، فالصناعي الذي دفع مليارات الليرات لبناء معمل أو منشأة يريد أن يعمل، وكذلك التاجر يريد أن يعمل، كما أضاف أنه ومنذ الشهر الأول من العام الحالي وحتى الشهر الماضي حصل على مادة المازوت مرتين فقط وبكميات لا تكفي بينما حصل آخرون على كميات وصلت إلى 70 – 80 ألف ليتر ومنشآتهم متوقفة عن العمل.
مطالب مكررة
ويطالب الصناعيون خلال مؤتمراتهم السنوية بعدة مطالب يرون أن تحقيقها سينعكس على تحسين وضع الصناعة والصناعيين. ومنها – على سبيل المثال لا الحصر-: وضع حد للخلل الموجود في بعض حالات التكليف الضريبي ما يؤدي إلى وجود تهرب ضريبي كبير واستنزاف الاقتصاد الوطني، وتحسين وضع التيار الكهربائي لأنه من الصعب الاستمرار في قطاع الصناعة في ظل التقنين الجائر للتيار الكهربائي، وضرورة دعم قطاع النسيج التاريخي في محافظة حمص ولاسيما أن المحافظة فيها معمل لحلج الأقطان، والعمل على تخفيض أسعار الأسمدة اللازمة للزراعة علماً أنه في (الأسبوع الماضي تم رفع الأسعار مجدداً بنسبة 100%)، ودعم الزراعات الصناعية لأنها عماد أساسي في صناعات أثبتت التجارب نجاحها وأهميتها في الوقت ذاته، وضرورة تأمين حمض الفوسفور لإنتاج دي كالسيوم فوسفات، وهو العنصر الأساسي في تربية الدواجن لما لهذا القطاع من أهمية قصوى في المساهمة بتحقيق الأمن الغذائي المحلي، كما يطالب الصناعيون بضرورة تبسيط إجراءات التراخيص والابتعاد عن الروتين خلال إنجاز المعاملات ومزاجية بعض الموظفين في مفاصل مهمة، وكذلك إيجاد حلول جذرية واستراتيجية لمشاريع الطاقة، ولا سيما في ظل الظروف الحالية.
يطالب الصناعيون بجميع هذه الأمور، لكن أغلبها يبقى حبراً على ورق، وليس هناك جهة تعمل على نحو جاد لتحقيق تلك المطالب، رغم أهمية المحافظة من ناحية قطاع الصناعة ووجود مدينة صناعية فيها ومديرية للصناعة ومئات المنشآت الصناعية المهمة جداً. سواء من ناحية رفد السوق المحلية بما تحتاجه من مواد وسلع أم من ناحية تحسين الاقتصاد المحلي من خلال تصدير المنتجات إلى الدول المجاورة، وبالتالي تحسين الاقتصاد المحلي. ولا ننسى دور غرفة الصناعة التي تحاول جاهدة رتق الهوة الموجودة بين جهات العمل والواقع، وكانت آخر محاولاتها تنفيذ مشروع للطاقة البديلة بالشراكة بين عدة صناعيين ينتسبون إلى الغرفة في مدينة حسياء الصناعية لتلبية حاجة المعامل والشركات بالطاقة اللازمة لضمان استمرارها بالعمل والإنتاج.
بحاجة إلى إنقاذ
يرى أمين سر غرفة الصناعة بحمص الصناعي عصام تيزيني أن وضع الصناعة والصناعيين في حمص ليس على ما يرام، وذلك لأسباب كثيرة في مقدمتها العوامل المادية المتعلقة بالصناعي ذاته، فهو لم يعد قادراً على تحمل تكاليف الإنتاج التي تتضخم يوماً بعد يوم، ولاسيما أن هناك مستهلكاً متعباً أيضاً لا يتمكن من شراء ما ينتجه الصناعي.
ويشير في هذا إلى السياسات الاقتصادية والنقدية غير الموفقة التي لم تستطع أن تعالج الكثير من المشكلات التي تواجه الصناعة، إن لم تكن قد أعاقت العمل وأفقدته مرونته المطلوبة.
وعن دور الغرفة بالتغلب على المصاعب الموجودة أضاف تيزيني: إنه دور عاجز ومقيَّد لأنه لا يملك أدوات تنفيذية تساعده في تنشيط الصناعة، حيث صار يقتصر عمل الغرف الصناعية في جميع المحافظات على تقديم المشورات والاقتراحات العملية، ولكن حتى هذه لا تجد طريقاً للتنفيذ، فأصبحت غرف الصناعة صناديق بريد وصلة وصل ووساطة بين أعضائها وبين أصحاب القرار.
حجم استثمارات كبير ولكن..!
مدير المدينة الصناعية في حسياء «تكليفا» المهندس بيترو سلمان بين أن المدينة سجلت دخول 31 مستثمراً جديداً خلال النصف الأول من العام الحالي ليصل حجم الاستثمارات فيها إلى أكثر من 450 مليار ليرة وفرت نحو 25 ألف فرصة مختلفة، ورأى سلمان أن الجهود الحكومية المبذولة كان لها الأثر الإيجابي في تنمية الاستثمارات وزيادة عدد المنشآت الصناعية في حسياء.
وقال إنه نتيجة المحفزات المقدمة والتسهيلات الكبيرة للمستثمرين وصل إجمالي عدد المنشآت الصناعية المسجلة في المدينة الى 964 منشأة منها 294 منشأة منتجة و670 منشأة قيد الإنشاء وتتوزع المنشآت بواقع 221 منشأة في المنطقة الغذائية و402 في المنطقة الهندسية و425 في الكيميائية و52 في النسيجية إضافة إلى 42 مقسماً في المنطقة الخدمية.
ولفت سلمان إلى أن نسبة المساحة المباعة في حسياء بلغت 65 بالمئة بينما تجاوزت قيمة الإيرادات المحققة خلال النصف الأول من العام الحالي 3.2 مليارات ليرة وبلغ الانفاق على المشاريع المنفذة في حسياء خلال الأشهر الماضية من العام الحالي ملياراً و434 مليون ليرة.
من المؤكد أن جميع الأرقام الواردة بخصوص واقع العمل في حسياء الصناعية صحيحة لكننا لم نلحظ أي دور للمدينة في تحسين الواقع المعيشي للمواطن في حمص.
