مخلفات معاصر الزيتون في جبلة دمار للبيئة.. وزير الزراعة للثورة: مستعدون لتقديم كل ما هو مطلوب للحفاظ على الحياة الطبيعية

 الثورة : تحقيق -مازن جلال خيربك:
كما كل النكبات التي تصيب محاصيل ومواسم وبيئة اللاذقية، تتجدد مع موسم الزيتون وزيته مشكلة بيئية نتيجة مخلفات معاصر الزيتون، والتي من شأنها التأثير سلباً وبدرجة كبيرة على الحياة الطبيعية في الأنهار وأراضي الضفاف المحيطة بمجراه، وصولاً إلى المصب في البحر وما يفرزه ذلك من تأثير على الحياة البحرية والتوازن الطبيعي فيها ومصادر غذاء وأكسجة الكائنات البحرية فيها وأولها الأسماك وبالأخص في مدينة جبلة التي تعاني الأمرّين من هذه المشكلة، ولاسيما في المجرى المائي المنحدر من قرية كفردبيل مروراً بقرية سيانو وقرية بساتين صالح، وصولاً إلى المصب في البحر.
حجم الأضرار
كما هو معروف، وبعد القطاف والعصر ينتج عن صناعة زيت الزيتون مخلفات صلبة تدعى كعكة زيت الزيتون أو العرجوم أو تفل الزيتون ونصف صلبة وثالثة سائلة، أما المخلفات السائلة فيطلق عليها تسميات متعددة، ولكنها تعرف في سورية باسم مياه الجفت أو المياه السوداء (OMW)، والتي يتم التخلص منها مباشرة دون معالجة، وبالتالي تشكّل مصدراً خطيراً للتلوث البيئي على اليابسة والمياه، ففي اللاذقية، وخلال موسم العام 2015 على سبيل المثال تم إيقاف الضخ من نبع ديفة والذي يروي 15 قرية ومزرعة في ريف اللاذقية/ (المزيرعة) وذلك بعد أن أثبتت التحاليل المخبرية تلوث مياهه بالمخلفات السائلة الناتجة عن معاصر الزيتون، والتي تصب مباشرة في مياه النبع، وتجعلها غير صالحة للشرب، ووفقاً لإحصائيات سابقة يبلغ عدد معاصر الزيتون في سورية 1097 معصرة، منها 771 تعمل بمبدأ الطرد المركزي الحديث، و 326 معصرة تعمل بمبدأ الضغط (المكابس)، وفي محافظة اللاذقية بلغ عدد المعاصر 155 معصرة منها 83 معصرة تعمل بمبدأ الضغط.
مخاطر العشوائية
لا شك أن توليفة غير هيّنة من المخاطر والأضرار البيئية تنجم عن التخلص من مياه الجفت مباشرة دون معالجة، فيما يبرز هذا الأمر في أثرين اثنين أكثر من غيرهما: كما تؤكد الابحاث المتخصصة في هذا الشأن.
أولهما تأثير مياه الجفت على التربة، حيث يسبب التخلص العشوائي والمباشر لمياه الجفت تلوثاً بيئياً خطيراً مع آثار لا يمكن التنبؤ بها في نظام التربة والنبات في المناطق المنتجة للزيتون، فهي تؤثر في الخواص الفيزيائية للتربة وتؤدي إلى الإخلال بتوازنها، وتغير في جودتها، كما تؤثر مياه الجفت على درجة حموضة التربة لجهة ان قيم الـpH المنخفضة لمياه الجفت تؤثر بشكل سلبي على المحاصيل فتخرب جذورها كما تزيد من درجة ملوحة التربة ويؤدي هذا إلى انخفاض خصوبة التربة وتدهور مستوى الزراعة، إضافة إلى أن المركبات الفينولية تعد سامة للنباتات والأشجار وتمنع بذورها من النمو عند سقايتها بمياه الجفت مباشرة دون تخفيف.
تأثّر مصادر المياه
أما ثانيهما فهو تأثير مياه الجفت على المصادر الطبيعية للمياه بشكل كبير وخطير عندما تُطرح مباشرة إلى المياه السطحية، حيث يسبب طرح مياه الجفت إلى البحيرات والأنهار تلوثاً هائلاً، ولا يتوقف عند ذلك بل يتعداه إلى المناطق الشاطئية المجاورة لمعاصر الزيتون، وتظهر سمّيتها عند مستويات منخفضة على كل من القشريات والأسماك البحرية لجهة إثباطها النشاط الأنزيمي لها مما تؤثر على تكاثرها، كما لوحظ تأثيرها السام على بلح البحر وكائنات بحرية أخرى مثل بعض الجراثيم المفيدة في الحياة البحرية، ويؤدي من ناحية أخرى وجود التراكيز العالية من المركبات العضوية في مياه الجفت إلى زيادة عدد البكتيريا التي تعيش عليها، وبالتالي انخفاض كمية الأوكسجين المنحل في الماء، ما يؤدي إلى حدوث خلل في التوازن المطلوب، ناهيك عما يمكن أن تقوده التراكيز المرتفعة لمركبات الفوسفور في مياه الجفت إلى ظاهرة الإثراء الغذائي، ولا يغيب عن الذهن تلوث المياه الجوفية بهذه النفايات السائلة نتيجة ترشحها من خلال أحواض التجميع، أو وحدات المعالجة.. إن وجدت..!!
خطر يهدد البيئة
المهتم بشؤون البيئة «وسام سليم الحجة» تحدث عن مشكلة المعاصر في مدينة جبلة قارعاً ناقوس الخطر بالقول: هناك خطر حقيقي يهدد البيئة.. من شاهد مياه الأنهار في هذين الشهرين فقد عرف تماماً بأن البيئة بخطر حقيقي..
نعم هي مخلفات معاصر الزيتون التي حولت بعض الأنهار إلى مستنقعات نتنة تلونت بالسواد وتفوح بالروائح الكريهة، نتيجة مياه الجفت التي قتلت أغلبية الأحياء في مياه الأنهار بدءاً من موقع دخول المياه السوداء في مجرى النهر وحتى مصبّها بالبحر، مؤكداً أنه وبأمّ العين قد شاهد الأسماك تطفو نافقة في بعض المقاطع.
«الحجة» لفت إلى ما جرى خلال أعوام مضت حين علمت المحافظة بواقع الحال نتيجة مخلّفات معاصر الزيتون، وأرسلت فريقاً للمعاينة وخرجوا بقرارات ما زال المواطن في اللاذقية وتحديداً في مدينة جبلة ينتظر تنفيذها.
وختم حديثه للثورة بأن المنطق والحياة تقتضي ألا نورث أولادنا أرضاً محروقة وبيئة مدمرة، مشدداً على ضرورة المباشرة بالحل حتى لا نكون عامل مساعد في تدمير الأنهار، وبالتالي قتل الحياة فيها وحرمان المزارعين من السقاية ناهيك عن قتل الجمال الطبيعي.
موقف إيجابي
وزير الزراعة المهندس «حسّان قطنا» الذي صادف وجوده في اللاذقية خلال العمل على إعداد هذه المادة، وفي اتصال هاتفي للثورة معه أبدى تفهّمه للمسألة واستعداد الزراعة للتعاون بشكل كامل ضمن نطاق عملها، لافتاً إلى أن اللجنة المكلّفة في المحافظة متابعة هذه الحالات قادرة على معالجة هذه الحالة كما غيرها، ولاسيما أن الأمر للمصلحة العامة بغرض الحفاظ على الحياة الطبيعية والبيئة في مدينة جبلة والمحافظة عموماً، مؤكداً استعداد وزارة الزراعة عبر مديريتها في اللاذقية لتقديم كل ما هو مطلوب منها ضمن نطاق عملها.
رأي منطقي
مدير زراعة اللاذقية «باسم دوبا» وفي تصريح خاص للثورة أكد أن واقع الحال لا يسرّ في بعض المناطق نتيجة تصريف مياه الجفت في مجاري الأنهار ولا سيما في ريف مدينة جبلة، مبيناً أن هذا الواقع جاء بالدرجة الأولى نتيجة عدم التزام المعاصر بأليّة فعالة لتصريف مخلفات العصر دون تلويث البيئة المحيطة.
وبحسب «دوبا» فإن الرقابة على معاصر الزيتون في عملها وتصريف مخلفات العصر لديها يخضع لرقابة مشتركة من خلال لجنة تضم توليفة من الجهات ذات الصلة والتي يرأسها عضو المكتب التنفيذي المختص بشؤون البيئة، وتضم مندوبو الموارد المائية والزراعة والصناعة والبيئة، مبيناً أن الترخيص للمعصرة يكون عبر الصناعة وليس الزراعة التي لا يتجاوز دورها في الأمر جزءاً بسيطاً من المسألة، ولكن لا بد من وجودها كون المنتج زراعياً والمحافظة ذات طابع زراعي كذلك.
«دوبا» ختم بالتأكيد أن تقييم يجري حالياً بخصوص وضع المعاصر كلها، ولكن يمكن التعامل عبر اللجنة مع أي حالة ذات أولوية قصوى وضرورية إلى حين تطبيق الرؤية الشاملة التي تعمل عليها اللجنة.

قيد المتابعة
عضو المكتب التنفيذي لمحافظة اللاذقية «فراس السوسي» وهو رئيس المكتب المختص بشؤون البيئة أوضح للثورة أن المسألة قيد المتابعة وبإشراف المحافظ شخصياً لأهمية الملفّ، مبيناً أن اجتماعاً جرى خلال اليومين الماضيين برئاسة المحافظ ضم معاوني وزراء الإدارة المحلية والبيئة والموارد المائية والصحة نوقش خلاله موضوع مخلفات معاصر الزيتون، وتم الاتفاق على آلية عمل محددة، يتم التعامل بموجبها بدءاً من الموسم القادم على اعتبار الموسم الحالي قد انتهى ولم يعد من عمل للمعاصر.
أما بالنسبة للتفاصيل، فقد بيّن «السوسي» أن آلية العمل تقوم على التنسيق الكامل مع الفعاليات المحلية والمكاتب التابعة للجهات الرسمية في كل مناطق المحافظة التي توجد فيها المعاصر، بحيث تتم متابعة كل معصرة في طريقة تعاملها مع مخلفات العصر لديها، وفي حال بادرت أي منها إلى رمي مخلفات العصر في مجاري الأنهار أو تعاملت معها بطريقة مضرّة للبيئة، يتم غلق المعصرة فوراً وتحرير ضبط رسمي بالمخالفة واتخاذ الإجراءات الرادعة الكفيلة بعدم تكرار المخالفة.
بالنتيجة
إن ما يبعث على التفاؤل هو الوصول إلى حل جذري لمشكلة معاصر الزيتون في محافظة زراعية يشكل الزيتون جزءاً مهماً من نتاجها ومواسمها، وهي خطوة مهمة في التعامل مع مواد لا يمكن للطبيعة ان تحتويها بشكلها الخام، بحيث يمكن التعامل مع النواتج الصلبة للزيتون المعصور والإفادة منه بشكل كبير لتوفير الدفء ومصدر للطاقة، لجهة تجفيف ذلك المستخلص من البقايا واستخدامه (كما الفحم بالضبط) بدلاً من الفحم أو الحطب في المدفأة أو مدفأة الحطب، وحقيقة الأمر أنه أفضل من الفحم الأسود بكثير لأنه مستخلص طبيعي.

 

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق