الثورة – لينا شلهوب:
في مدينة تعجّ بالحياة، وتزدحم بشوارعها وأسواقها ومنازلها، تقف جرمانا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التنظيم والخدمات الإدارية التي طال انتظارها، وبعد أشهر من المتابعات والجهود المشتركة بين المجتمع المحلي والجهات الرسمية، باتت إعادة افتتاح مركز الأحوال الشخصية في المدينة حقيقة واقعة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حاملاً معه مجموعة واسعة من الخدمات، وبنية تنظيمية حديثة تراعي الكثافة السكانية الكبيرة في مدينة جرمانا.
عضو المكتب التنفيذي في المدينة يوسف نعمة بين في لقاء مع “الثورة” أن غياب مركز خدمات الأحوال الشخصية شكّل عبئاً يومياً على الأهالي، الذين اضطروا إلى مراجعة مراكز أخرى خارج المدينة لإنجاز أبسط المعاملات، ومع تزايد التساؤلات حول أسباب التأخير في إعادة تفعيله، يوضح نعمة أن العملية لم تكن مجرد إعادة افتتاح شكلية، بل إعادة بناء تجربة متكاملة تستجيب لاحتياجات عشرات الآلاف من المواطنين.
وبين أن الجهود استمرت على مدى ثلاثة أشهر متواصلة لاختيار المكان المناسب وتجهيزه بالكوادر المؤهلة، مع اتخاذ قرار استراتيجي بعدم العودة إلى المبنى السابق (مركز ناحية جرمانا) بسبب محدودية المساحة وعدم قدرته على استيعاب الخدمات الجديدة، ووقع الاختيار على مبنى صالة سندس (مقابل الفرن الآلي)، وهو موقع واسع ومجهّز بشكل يتيح توفير قاعات انتظار مريحة، وتنظيم الدور عبر نظام إلكتروني متطور، إلى جانب تأمين خدمة الانترنت الفضائي والعادي للحد من حالات الانقطاع.
وأشار نعمة إلى أن المركز الجديد لن يكون مجرد نقطة إصدار للوثائق الأساسية، بل بوابة خدمات شاملة تشمل جميع وثائق الأحوال المدنية، من ولادة، وزواج، وطلاق، ووفاة، وقيود فردية وعائلية، والأكثر من ذلك سيتم إضافة خدمة استصدار جوازات السفر عبر كوات خاصة بإدارة الهجرة والجوازات، ولأول مرة في جرمانا، وهو ما يختصر على الأهالي عناء السفر والانتظار في مراكز أخرى، إلى جانب ذلك، سيضم المركز عدداً كبيراً من الموظفين والكوات الكافية لتسريع الإنجاز، مع توفير وسائل راحة للمواطنين أثناء الانتظار، في خطوة تعكس وعياً بأهمية الكرامة الخدمية وجودة التعامل.
ولفت إلى أن أثر إعادة افتتاح المركز لا يقتصر على البعد الخدمي فقط، بل يمتد ليحمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية مهمة، فالحد من الازدحام في المراكز الأخرى يوفر الوقت والجهد والتكاليف على الأهالي، ويعيد لجرمانا مكانتها كمدينة مركزية تقدم خدماتها لسكانها، كما أن إشراك المجتمع الأهلي في دعم هذه الخطوة يرسّخ روح التعاون بين الأهالي والجهات الرسمية في سبيل تحقيق مصلحة عامة تمس حياة الجميع.
وتطرق إلى أنه بين ترقّب الأهالي واستعداد الجهات الرسمية، تمضي جرمانا نحو مرحلة جديدة من الخدمات المدنية، ويتحول مركز الأحوال الشخصية المرتقب إلى نموذج يوازن بين الكفاءة الخدمية والراحة الإنسانية.. إنه مشروع يتجاوز حدود الورق والأختام، ليصبح استثماراً في وقت المواطن، وإضافة نوعية إلى البنية الخدمية في المدينة.
ولرصد صدى هذه الخطوة، التقت “الثورة” مع عدد من سكان المدينة، الذين عبروا عن آرائهم وتوقعاتهم حيال إعادة افتتاح المركز.
أبو سامر مهنا (55 عاماً، موظف)، قال: نعاني منذ سنوات من اضطرارنا للذهاب إلى مناطق أخرى لاستخراج أبسط الوثائق، أما الآن هذا المركز الجديد سيختصر علينا وقتاً طويلاً، ويخفف الازدحام عن المراكز المجاورة، والأهم أن المكان الذي تم اختياره، واسع ومنظّم، وهذا سيجعل المراجعة أكثر سهولة.
فاديا العوام (معلمة منذ 34 عاماً)، بينت أن ما لفتها هو إضافة خدمة إصدار جوازات السفر، وهذه خطوة ممتازة جداً، خصوصاً للعائلات التي تضطر للانتظار أسابيع في المراكز الأخرى، فوجود هذه الخدمة في جرمانا سيحد من الكثير من المعاناة.
أما أبو عدنان الصالح (صاحب متجر) قال: جرمانا مدينة كبيرة، وكان لا بد أن يكون فيها مركز متكامل يخدم الأهالي، متمنياً أن يكون هناك التزام بالسرعة في إنجاز المعاملات، وأن يحافظ الموظفون على حسن المعاملة، فهذا ما يهم المواطن قبل أي شيء.
ترى سحر فاهمة (طالبة جامعية) أن وجود قاعات انتظار واسعة، ونظام دور إلكتروني فكرة رائعة، منوهة بأن جيل الشباب يهتم بالسرعة والشفافية، آملة أن يكون المركز خطوة نحو استخدام التكنولوجيا بشكل أوسع في الخدمات الحكومية.
ومع الافتتاح القريب، تبقى الأنظار معلّقة على النتائج، والأمل كبير أن ينعكس ذلك على تحسين نوعية الحياة اليومية في جرمانا.