الثورة ـ علا محمد :
صوت المرأة في البرلمان السوري الجديد لم يكن كما يجب، رغم أن نصف المجتمع يُمثَّل بها.
انتخابات الهيئة الناخبة كشفت فجوات عميقة في آليات الترشح وفرز الأصوات، ووضعت النساء أمام تحديات معقدة تتعلق بـ “الكوتا”، والتكتلات، والوعي المجتمعي، إضافة إلى الحاجة لتدخلات مؤسسية لضمان التمثيل العادل.
الهيئة الناخبة و”كوتا” غير مكتملة
المرشحة عن محافظة دمشق الدكتورة لينة الحمصي لم تحصل على أصوات كافية للفوز، أوضحت أن النساء لم يحصلن على أصوات، رغم أن نسبتهن في الهيئة الناخبة تراوحت بين 20 بالمئة و30 بالمئة، وكان الباب مفتوحاً أمام الجميع للترشح، وقدمت العديد من النساء طلبات الترشح، لكن غياب “الكوتا” عند فرز الأصوات حال دون فوز أي منهن.
و”الكوتا” هنا تعني النسبة المخصصة مسبقاً للنساء في التمثيل البرلماني، بهدف ضمان وجود حدٍّ أدنى من المشاركة النسائية في الحياة السياسية.
فقد كانت “الكوتا” موجودة داخل الهيئة الناخبة نفسها، لكن لم تُطبق عند العد النهائي للأصوات، وكان من المفترض تخصيص 8 أصوات للرجال وصوتين للنساء وفق ترتيب الأصوات.

كما تشرح الحمصي أن المرأة تواجه تحديات إضافية تفوق الرجل، نتيجة أعبائها المنزلية والعائلية، خصوصاً إذا كانت متزوجة ولديها أولاد ومسؤوليات متعددة، ومع ذلك، ترى أنه يجب أن يكون للمرأة نسبة تمثيل تتجاوز 20 بالمئة، وتشدد على ضرورة فتح الانتخابات أمام الشعب كله بدل حصرها ضمن الهيئة الناخبة، لأن العديد من النساء قد لا يكن معروفات داخل هذه الهيئة، ما يقلل فرصهن في الفوز.
التكتلات والسياسة الذكورية
التكتلات الانتخابية بحسب الحمصي لعبت دوراً حاسماً في تحديد النتائج، إذ يختار كل تكتل الشخص الأكثر كفاءة من بين المرشحين، ويركز الدعم عليه، بينما لم تتمكن النساء من تكوين أي تكتل أو التنسيق فيما بينهن، غياب الإرشاد والتجهيز المسبق حال دون تكوين تكتلات نسائية ناجحة، ونتيجة ذلك فقدت كل المرشحات فرصهن، حيث كانت كل واحدة ترى نفسها الأكثر كفاءة وتفتقر للاستعداد للتنازل لدعم الآخرين الأكثر كفاءة.
وتشير الحمصي إلى أن العمل ضمن فرق وتعلم مهارات القيادة والتكتل الجماعي يمثلان خطوة أساسية لتعزيز الدور النسائي مستقبلاً، كما تؤكد على أهمية مشاركة النساء في اتخاذ القرارات المتعلقة بالقوانين والأحوال الشخصية، لما لذلك من تأثير مباشر على نصف المجتمع.
وختمت حديثها بالقول: “غياب المرأة عن البرلمان يعني أن القوانين ستُصاغ دون مراعاة مصالحها، سواء عن قصد أو قلة خبرة، ما يجعل التمثيل النسائي ضرورة لا يمكن التغاضي عنها”.

“الكوتا الرئاسية” وتدخل الرئيس
عضو مجلس الشعب المُنتخب باسل هيلم، وهو مؤسس عدة كيانات تخدم الشأن العام وناج من سجن “صيدنايا”، أكد أن تمثيل المرأة في المجلس يجب أن يكون فعلياً وواقعياً، مشيراً إلى أحد الإشكاليات التي لاحظها في الانتخابات، على سبيل المثال لا الحصر، صعوبة الاتفاق بين النساء على من سيمثلهن ضمن الهيئة الانتخابية، إذ يوجد نحو 30 سيدة مسيحية في الهيئة الانتخابية لدمشق، لكنهن لم يتمكن من الاتفاق على مرشحة تمثلهن، ما يبرز الحاجة إلى تدخل الرئاسة لسد هذه الثغرات، ويقول:” نأمل سد بعض الثغرات التي لا تستطيع الانتخابات الديمقراطية سدها، وذلك بتعيينات من السيد الرئيس وتمثيل المرأة في مجلس الشعب”.
من جهته، المستشار الإعلامي والمدرب الدولي الدكتور أحمد طقش، أوضح خطة السيد الرئيس لتعيين أعضاء تهدف إلى سد الثغرات الناتجة عن الانتخابات، خصوصاً فيما يتعلق بالنساء وأصحاب الهمم، وسيشمل التعيين الرئاسي 70 عضواً، منها 44 امرأة، لرفع نسبة التمثيل النسائي إلى 20بالمئة من أعضاء المجلس، ويؤكد أن العملية الترميمية ضرورية للحصول على مجلس متوازن يحفظ حقوق الجميع قدر الإمكان، إذ أن النتيجة المعلنة حالياً تعكس أصوات الهيئة الناخبة وليست التشكيلة النهائية للمجلس التشريعي.
يبدو أن الانتخابات الأخيرة بينت أن تمثيل النساء في البرلمان يحتاج إلى هيكلية واضحة وتكتلات منظمة وتوعية سياسية، إلى جانب تدخل حكومي مدروس، كخطوات ضرورية لتحقيق التوازن المطلوب في المجلس.