الثورة – ميساء العلي:
ملف الفساد الذي تم كشفه مؤخراً في المصرف العقاري، إذ طال مسؤولين كبار في الإدارة العامة وبعض الفروع، وهو لن يكون الأخير لقضايا الفساد وهدر المال العام وضياع حق المواطن السوري الذي عانى الكثير، ويبدو أن الحبل على الجرار لكشف المزيد من قضايا الفساد.
مكافحة الفساد، وهدر المال العام، أحد أهم مهام الجهات الرقابية، وقد بدأت بفتح ملفات اقتصادية أضاعت على الخزينة العامة للدولة المليارات من الليرات، نتيجة المحسوبيات أيام النظام المخلوع، وبقيت في أدراج تلك الجهات الرقابية، وكانت تُدار وفق مصالح فئة متنفذة على حساب المصلحة العامة.
محوران
يقول الخبير القانوني ثائر موسى: إن فتح ملفات الفساد التي كانت محمية بشكل أو بآخر من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام المخلوع، تُعد خطوة مهمة للمحاسبة الفعلية والإطاحة بعروش الفساد واستعادة جزء من أموال الخزينة العامة للدولة. وأضاف في حديثه لـ”الثورة”: إن البحث عن الفساد ومكافحته يجب أن يتم العمل عليه على محورين، الأول: هو التحقيق في حالات فساد كان مُجرد التلميح بها ممنوعاً، والمحور الثاني: العمل على وضع معايير وأسس لأخلاقيات الوظيفة العامة التي يتوجب الالتزام بها. وأشار موسى إلى أن مكافحة الفساد في سوريا بعد التحرير يجب أن يكون من أهم المهام المصيرية لإعادة بناء الدولة والمجتمع، خاصة وأن الفساد لم يكن مجرد ظاهرة ثانوية، بل جزءٌ بنيويٌ من نظام الحكم لعقود مما جعله متجذراً في الإدارة والاقتصاد لذلك فإن أي استراتيجية لمكافحته يجب أن تكون شاملة وتدريجية بحيث تُوازن بين العدالة والاستقرار.
إجراءات
ويرى موسى أهمية إجراء إصلاح قانوني ومؤسساتي من خلال إصلاح القوانين، أي إلغاء أو تعديل القوانين التي شرعنت المحسوبيات والنهب، إضافة إلى إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تتمتع بصلاحيات التحقيق والإحالة والقضاء. ولفت إلى الخطوة الإيجابية التي ستعزز من استقلالية القضاء وذلك من خلال زيادة الأجور والرواتب لسلك القضاء، وهذا ما سينتج عنه قضاءً نزيهاً وحراً وهو الضامن الأساسي لمحاربة الفساد. وقال موسى: حبذا لو يكون هناك محاكم خاصة بالفساد الكبير لمحاسبة المتورطين في سرقة المال العام ونهب الثروات.
لاشك أننا اليوم نعيش مرحلة دقيقة تحتاج إلى إصلاحات عديدة على مختلف المستويات، فلا يكفي أن نوصف الفساد ونفكك عناصره بقدر ما نحن بحاجة إلى مقاربته، وملامسة أسبابه للحد من آثاره على الاقتصاد الوطني والمواطن.