زيارة الشرع المرتقبة إلى موسكو.. وإعادة رسم طبيعة الشراكة

الثورة- نور جوخدار

تترقب الأوساط العربية والدولية انعقاد القمة العربية – الروسية الأولى في موسكو يوم 15 تشرين الأول الجاري، بمشاركة مرتقبة للرئيس أحمد الشرع، في حدث يحمل أبعاداً سياسية وعسكرية واقتصادية تتجاوز الطابع البروتوكولي، ما يعيد رسم طبيعة الشراكة بين دمشق وموسكو على أساس المصالح المشتركة لا التبعيات السابقة.
وقالت الباحثة الروسية لانا بادفان في تصريح خاص لـ “الثورة”: “إن حضور الرئيس الشرع قمة إقليمية تستضيفها موسكو، يمثل إعلاناً روسياً صريحاً وبراغماتياً واعترافاً بالواقع السياسي الجديد في سوريا، ويمنح القيادة السورية غطاءً دولياً وإقليمياً أساسياً، خاصةً وأن روسيا تسعى لتكون جسر التواصل بين دمشق وعواصم أخرى مهمة”، مضيفة.. أن موسكو تسعى لتثبيت مصالحها الاستراتيجية في سوريا بوصفها دولة وموقعاً جيوسياسياً، بعيداً عن الارتباط بالأشخاص أو الأنظمة، وأن هذه الخطوة تعكس “تدوير الزوايا” سياسياً بما يضمن استمرار نفوذها في المنطقة.
وعن أهم الملفات المتوقع بحثها، أوضحت بادفان، بأن مستقبل الوجود الروسي، ولاسيما قاعدتي حميميم وطرطوس، سيكون حاضراً على الطاولة، بما يتماشى مع رؤية القيادة السورية الجديدة التي أعلنت أن أي وجود أجنبي يجب أن يخدم مصالح السوريين، إضافة إلى تعزيز الدور الروسي في مناطق التماس الساخنة كالجنوب والشمال الشرقي كقوة ضامنة للاستقرار ومنع تفاقم التوترات الإقليمية، ومناقشة استمرار تدفق الدعم الاقتصادي الروسي في قطاعات حيوية كالطاقة والقمح، وإعادة تقييم العقود الضخمة الموقعة سابقاً لتكون أكثر عدالة وشفافية للطرف السوري.
واعتبرت الباحثة الروسية، أن زيارة وفد من وزارة الدفاع السورية برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء علي النعسان إلى موسكو قبيل القمة تمثل تأكيداً على حيوية الشراكة الأمنية بين الطرفين، ولكن وفق إطار جديد يختلف عن نموذج التبعية السابق.
وأشارت إلى أن العلاقة العسكرية بين البلدين لم تقتصر على شخص الأسد، بل هي علاقة “بين المؤسسات العسكرية”، حيث ترى موسكو في الجيش السوري الجديد شريكاً مهماً لتحقيق الاستقرار، وإعادة بناء قدراته بعد سنوات من الحرب والتحول، بما يضمن سيادته وقدرته على ضبط الأمن، وليس كأداة لحماية نظام، كما أن الزيارة تهدف إلى تطوير آليات التنسيق وبحث متطلبات المرحلة الجديدة، مع احتمالية فتح صفحة جديدة من صفقات التسليح، وفق احتياجات الدفاع السيادية للدولة السورية الجديدة مع الأخذ بعين الاعتبار القيود الروسية الحالية المتعلقة بأولويتها العسكرية في أوكرانيا.
أما عن الجانب الاقتصادي، فقد أوضحت بادفان، أن الزيارات المتلاحقة بين موسكو ودمشق تمثل وسيلة لتأمين شبكة مصالح اقتصادية روسية طويلة الأمد في سوريا، والتي هي بمثابة شريان حياة للاقتصاد السوري في الوقت الراهن، عبر قطاعات الطاقة والفوسفات والموانئ، والمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار المستقبلية، بما يضمن لها موطئ قدم جيوسياسي في المتوسط.
وبالنسبة لسوريا، فالتعاون مع موسكو يشكل حاجة ملحة لتأمين حاجات البلاد من القمح والوقود والسيولة النقدية “عبر طباعة العملة السورية في موسكو” مع حرص القيادة السورية الجديدة على إعادة تقييم العقود المبرمة سابقاً وتحقيق توازن عبر الانفتاح على شركاء إقليميين ودوليين جدد آخرين، وهو ما تتفهمه موسكو في إطار براغماتيتها السياسية.
وفيما يخص البعد الدبلوماسي والملفات العالقة، ترى الباحثة الروسية، أن مسألة إعادة فتح السفارات والرحلات الجوية ومنح التأشيرات، هذه الخطوات تمثل شكلاً من “التطبيع المؤسسي” الذي يتأخر عادة عن التطبيع السياسي والعسكري والاقتصادي، لكن من المرجح أن يتم تسريع وتيرة إعادة فتح السفارات بشكل كامل واستئناف الرحلات الجوية المدنية المنتظم، ما يعكس اكتمال اعتراف موسكو بالسلطة الجديدة وتعزيز حركة التجارة والتبادل.
وبالنسبة للطلاب السوريين، قد تظل مسألة التأشيرات أكثر حساسية وخاضعة لضوابط أمنية جديدة تنظمها السلطات الروسية لضمان عدم وجود مخاطر محتملة، مع توقعات ببدء رفع القيود تدريجياً خاصة بعد الزيارات رفيعة المستوى والتي تفتح قنوات اتصال مباشرة لحل هذه المسائل اللوجستية.
وفي الجانب الأمني، واستئناف الدوريات الروسية في الجنوب السوري، بينت بادفان، أن دمشق ترى في الوجود الروسي في الجنوب، خاصة الشرطة العسكرية، ضمانة لتقليل الهجمات الإسرائيلية والتدخلات التي تحدث بذريعة السيطرة على المنطقة العازلة أو حماية مصالح معينة، حيث تسعى دمشق للاستفادة من قدرة موسكو على “تنظيم العلاقات” بينها وبين إسرائيل، كما يبرز تحول الدور الروسي من شريك عسكري داعم لنظام إلى “قوة توازن” تهدف إلى ضبط الأمن والتهدئة في مناطق حيوية.

وحول تقارب دمشق مع كييف بعد سقوط الأسد، أكدت الباحثة، أن موسكو تتعامل مع هذا الانفتاح من منظور “البراغماتية الجيوسياسية” والمصالح الكبرى لدمشق لتنويع الشركاء، وليس من منظور التحدي المباشر، وهذا ما حرص عليه الرئيس الشرع في طمأنة موسكو بوصفها “ثاني أقوى دولة في العالم” والتأكيد على متانة العلاقات التاريخية وعدم السعي لإقصائها، مضيفة إن موسكو تدرك أن السلطة السورية الجديدة تحتاج إلى توسيع خياراتها الدبلوماسية والاقتصادية للخروج من العزلة، والتقارب مع أوكرانيا قد يُنظر إليه كـ “بوابة” لفتح قنوات مع المجتمع الدولي دون المساس بالمصالح الروسية الحيوية أي قواعدها العسكرية أو عقودها الاقتصادية، ما يجعلها تكتفي بـ “المراقبة المقبولة” لهذا الانفتاح كضريبة ضرورية لـ “شراكة متوازنة” بدلاً من “التبعية” التي كانت سائدة.
وتشكل القمة العربية – الروسية المقبلة نقطة انعطاف حقيقية في مسار العلاقات، ليس بين سوريا وروسيا فحسب، بل في موقع دمشق الجديد على الخريطة الإقليمية والدولية.

آخر الأخبار
الحياة تعود إلى ملاعبنا بعد منتصف الشهر القادم صوت النساء في مواجهة العنف الرقمي صورةٌ ثمنها مئات آلاف الشهداء المواطن يدفع الثمن واتحاد الحرفيين يعد بالإصلاح عندما تكون المنتخبات الوطنية وسيلة وليست غاية! أولى أمطار دمشق تكشف ضعف جاهزية شبكات التصريف خبراء: "يتم حشد المكونات السورية على طاولة العاشر من آذار" العنف ضد المرأة.. جروح لا تندمل وتحدٍّ ينتظر الحلول مندوب سوريا الدائم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: مرحلة جديدة من التعاون واستعادة الحقوق السورية جولة المفاجآت الثقيلة في دوري أبطال أوروبا مواجهات قوية في الدوري الأوروبي الذكاء الاصطناعي التوليدي .. أنسنة رقمية أم تكامل تنموي؟ مع ولادة اتحاد الكرة الجديد كيف ترى خبراتنا الرياضية مستقبل الكرة السورية؟ فعاليات اقتصادية تطالب بتكافؤ العلاقة التجارية بين سوريا والأردن كرنفال رياضي ثقافي بذكرى التحرير بحمص كأس العرب (FIFA قطر 2025) وفرصة المشاهدة عن قرب نقص الأدوية في المشافي الحكومية.. وزارة الصحة تكشف الأسباب وتطرح خطة إصلاح لقب (حلب ست الكل) بين حمص الفداء والأهلي سوريا تتسلّم رئاسة مجلس وزراء الإعلام العرب في الجامعة العربية اجتماع سوري دولي على هامش الدورة 93 للإنتربول في مراكش المغربية