توقيت نهاية العام غالباً مايشير إلى نهاية تفاؤلية لمشكلة أو معاناة تنقلنا إلى نقطة عبور جديدة، وعام قادم نضع فيه أمنيات وآمال جديدة، لعلها تغير مشهد المعاناة اليومية لتأمين لقمة العيش، ونستعد لفصل أقل ألماً على جيب المواطن وأقل حزناً في إيقاعه اليومي.
ولاشك أن ما نعيشه اليوم من تراجع في القدرة على تأمين الحاجة اليومية هوحالة عامة تشكو منها الأغلبية على مستوى سورية، ولانبالغ إن قلنا العالم بمجمله يعيش حالة ترقب وعدم استقرار اقتصادي، لكن يعلم الجميع أنها بنسب أقل بكثير مما يعانيه الاقتصاد المحلي، لأسباب تناولتها الآراء والمنصات الاقتصادية مرات عديدة: وهي تقسم إلى عدة أجزاء ويبقى الجزء الأكبر ناتج عن تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي الجائر، وهذا ماعبر عنه السوريون قبل أيام بنشرهاشتاغ على صفحاتهم الشخصية يناشد المنظمات والهيئات العالمية بالعمل على إزالة العقوبات الظالمة التي تحرمهم من أدنى متطلبات عيشهم.
وأما الجزء الآخر من أسباب التراجع الاقتصادي لأدنى مستوياته، فهو قائم على قلة الدخل وفساد هنا وقرارات غير مدروسة هناك، وتأخر في معالجة مشكلات مزمنة من هنا وهناك، وبالفعل ثمة إدارة غير ناجحة تتسبب بمشاكل في مكان ما، ومن الأمثلة آخر شكوى مرت على مسامعي حول برنامج عمل إلكتروني اتخذه مصرف التوفير للتعامل مع زبائنه، ففي وقت يتصدر تسهيل التعامل الإلكتروني وتبسيط الإجراءات الحكومية، تجري إدارة المصرف تغييرا من طريقة تعاملها من دون أن تعلم زبائنها.
فمثلاً نظام مصرف التوفير الجديد لايسمح بالقيام بأكثر من عملية في اليوم، فإذا سحبت مبلغاً، وغيرت رأيك لايحق لك أن تودعه في اليوم نفسه، وإذا أودعت مبلغاً لايحق لك أن تأخذ الفوائد في اليوم نفسه، وإذا أردت أن تبقي الفوائد لا يحتسبها المصرف من أصل المبلغ، وتالياً لا تأخذ عليها فوائد، وإذا كنت تريد أن تضيفها إلى المبلغ المودع عليك أن تسحبها لكن لايحق لك أن تودعها بنفس اليوم، لذا عليك أن تأتي في اليوم التالي لإيداع الفائدة، وللأسف لن تتمكن لأنك صرفتها كإجرة طريق ذهاب وإياب إلى المصرف.
والسؤال ماذا استفاد المودع وماذا استفاد المصرف من هذا النظام الإلكتروني الذي لايليق مع التحديثات الشكلية للمصرف؟ بل جعل كل من المودع والمصرف خاسران وجعل المودع في حالة خيبة واشمئزاز.. هو مثال ليس إلا عن إدارة غير صحيحة يمكن أن نجدها في أكثر من مؤسسة تتسبب يومياً بخسارتين على الحكومة والمواطن.