أعلن عدد من المصارف الحكومية في الفترة الماضية عن أنواع جديدة من القروض الشخصية إضافة إلى القروض الموجودة أصلاً كقرض التجزئة والقروض المهنية، وقروض ترميم المنازل.
وكغيره من المصارف، فقد أعلن المصرف العقاري، عن إتاحة الحصول على القرض الشخصي بسقف 10 ملايين ليرة للعاملين في الدولة والمتقاعدين، وكذلك للعسكريين، بغض النظر عن سقف الراتب.
ولكن بنظرة فاحصة وعلمية ومن دون التعريج على الشروط والتعليمات الأخرى الموضوعة لهذا القرض، نجد أن المستفيدين منه من موظفي القطاع العام سيكونون قلائل لعدة أسباب، أهمها أن القسط الشهري لهذا القرض
لمدة خمس سنوات هي ٢٣٥ ألف ليرة، و١٩٢ ألف ليرة للقرض لمدة سبع سنوات. وقد تم تحديد سقف الراتب المطلوب للحصول على ١٠ ملايين ليرة بمبلغ ٥٨٨ ألف ليرة لمدة ٥ سنوات، و٤٨٢ ألف ليرة لسبع سنوات. والمصرف طبعاً ملتزم باحتساب النسبة المقررة بالقانون، وهي ٤٠٪ من الراتب مع التعويضات الثابتة.
النتيجة استناداً لوسطي الأجور المقدر بحدود 110 آلاف ليرة، فإن نسبة 40% منها تبلغ 44 ألف ليرة، وهذا يعني أن طالب القرض بحاجة إلى 5 رواتب كي تغطي القسط الشهري، سواء كانت المدة 5 سنوات أم 7 سنوات، وهو أمر صعب وشائك جداً.
أما الصعوبة الأخرى، فتتمثل بمعدل الفائدة الكبيرة المعتمدة من المصرف العقاري، والتي تبلغ للقرض قصير الأجل 14,5% لمدة خمس سنوات، وللقرض متوسط الأجل 15% لمدة سبع سنوات، وهي بالمحصلة ملايين إضافية ستصبح واجبة التسديد مع أصل القرض من المقترض.
فأمر الحصول على القرض وفقاً للسقف الذي أصبح متاحاً أعلاه بات أكثر تعذراً، على الرغم مما قدم من تسهيلات على صعيد الكفلاء وهو الاقتراض من بعض المصارف بضمانة تأمينات المقترض.
وفي حال تم الحصول على القرض, فهو بالكاد يؤمن شراء عدد محدود من الاحتياجات كالبراد والغسالة وفرن الغاز، أو يقوم بسداد بعض من ديون صاحب الدخل المحدود ، مقابل ذلك سيزداد عجز صاحب هذا الدخل، فديونه المتوجبة لحساب المصرف مع فوائدها، أكبر بكثير من أن يتحملها أجره الشهري.
وهذا يعني كما أسلفنا أن الأغلبية العظمى من موظفي القطاع العام لن يستفيدوا من هذا القرض، لأن أجورهم منخفضة.
خلاصة الأمر: إن المشكلة ليست في هذا القرض أو غيره، بل أساس المشكلة وجوهرها هي في ضعف أجور العاملين في القطاع العام، وإذا لم يتم رفعها فلن يستطيعوا الإفادة من أي قرض، ولا من أي امتيازات أخرى تعطى لهم.