الثورة – محمود ديبو:
بدأنا في الآونة الأخيرة نشهد نشاطاً ملحوظاً باتجاه نشر ثقافة تربية النحل واستخدام منتجات الخلية المختلفة بدءاً من العسل إلى خبز النحل إلى باقي المنتجات التي بدأت تدخل في صناعة الكريمات والعلاجات المتعلقة بالبشرة وغيرها، إلى جانب زيت العكبر والغذاء الملكي وغبار الطلع… الخ.
حيث كثرت المعارض والمهرجانات التي تقام خصيصاً للنحالين ومنتجاتهم المتنوعة إلى جانب مشاركة النحالين في معارض ومهرجانات تسوق شاملة بهدف التعريف بمنتجاتهم وتسويقها وبيعها..
رئيس جمعية تربية النحل بدمشق وريفها المهندس رضوان البدوي وهو المسؤول العلمي في الرابطة السورية لطب وتربية النحل يرى أن تربية النحل هي مجال واسع لتقديم منتجات مختلفة وليس فقط العسل، وهو المادة الأساسية التي تنتجها خلايا النحل، ففي مثل هذه الظروف على النحال أن يستفيد من منتجات الخلية كلها ليتمكن من الاستمرار بمهنته في ظل الارتفاعات المستمرة لتكاليف التربية والإنتاج، حيث يمكن للنحال أن ينتج العسل وحبوب الطلع والعكبر وغذاء الملكات وسم النحل ويرقات ذكور النحل وخبز النحل وخل العسل، بالإضافة إلى التعلم من النحل الكثير من السجايا والمزايا والمعاني التي تحث على الإخلاص والتفاني وحب العمل.
فمن جهة يرى المهندس البدوي أن إنتاج سم النحل هو رديف اقتصادي لعمل النحال، فهذا المنتج يصلح لمعالجة حالات مرضية كثيرة، ومن الضروري المبادرة والقيام بالتدريب على استخدام هذا المنتج في العلاج وإدخاله في بعض الأدوية التي يستخدمها الإنسان.
كذلك وبحسب البدوي فإن العكبر هو منتج مطلوب لمختلف الاستعمالات وخاصة التداوي وتعقيم الحلق، ويعتبر أن منتجات الخلية هي ثروة حقيقية وتدر المزيد من العائدات المالية على المربي وتساعده في تحمل تكاليف تربية النحل ونقل الخلايا والانفاق على العلاجات المختلفة للنحل وغير ذلك من شراء مستلزمات مختلفة يحتاجها النحال.
ويسوق أحد الخبراء معلومة عن اعتماد بعض المشافي في إحدى الدول أجنحة خاصة تعرف بأجنحة التداوي بالعسل، بالنظر إلى أهمية هذا المنتج ودوره في شفاء الكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان. كذلك هناك من يعتمد طريقة لسع النحل للعلاج من أمراض معينة، حيث يقول أحد النحالين إنه داوم على هذه الطريقة منذ الصغر وهو يذكر أنه لم يزر طبيباً منذ ذلك الحين.
إذاً فالثروة النحلية تساهم في زيادة الدخل القومي ويساهم توسيع عمليات تربية النحل في المروج والبراري والغابات ومختلف المواقع في تلقيح الأزهار، ولمنتجات الخلية استخدامات كثيرة غذائية وعلاجية وتصنيع مستحضرات دوائية وتجميلية وغيرها، ومن هنا فإن دعم هذه (الصناعة) وتأمين مستلزمات قيامها وتطورها واستمرارها أمر مهم من خلال تأمين احتياجات المربين، فمثلاً من بين الأمور التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها حالياً هي مسألة دعم النحال بالوقود فهو مضطر إلى الانتقال بشكل مستمر لنقل الخلايا من مرعى إلى مرعى، وهذا يتطلب وفق الأسعار الحالية للمحروقات إلى مبالغ مالية كبيرة على النحال أن يدفعها وهذه كلها تكاليف زائدة ترهق النحالين، فمن باب أولى أن يتم دعم السيارات الزراعية للتخفيف عن النحالين.
كذلك بالنسبة للسكر الذي يحتاجه النحالون في فصل الشتاء من الضروري تأمينه بالسعر المدعوم، والاهتمام بزراعة الأشجار الرحيقية في عدد من المناطق لكي لا يضطر النحال إلى نقل خلاياه باستمرار سعياً وراء المراعي.
وبالنسبة للتسويق وبيع المنتجات فإن النحال أمام مشكلة إذا لم يكن حاصلاً على سجل تجاري، وهنا إما عليه أن يستحصل على السجل وهو مكلف، أو أن يبيع منتجاته بدون علامة تجارية بطرق مختلفة، فلماذا لا يصار إلى منح النحالين المنتسبين إلى الجمعيات الفلاحية سجلاً زراعياً يمكنهم من تسويق أعسالهم ووضع لصاقاتهم على العبوات الخاصة بهم؟
فالنحل هو ذلك الجندي المجهول الذي يقدم خدماته دون مقابل فلا بد من الاهتمام به ودعم المربين والنحالين لأنهم يحتاجون هذا الدعم لا بل ويستحقونه لأنهم يعملون في مجال هام جداً وحيوي يعطي قيماً مضافة كبيرة وله عوائد صحية واقتصادية وخدمية كثيرة تنعكس إيجاباً على كل الأفراد والمجتمعات وحتى على الطبيعة.