عن اللغة العربية اليوم وغداً

الملحق الثقافي- د . بتول دراو:
لأيّ لغة من اللغات عوامل تساعد في نهضتها وبقائها في المجال الحيويّ المستمرّ، وليست تلك العوامل صعبةً أو غير ممكنة التحقق، إذ يكفي للغة أن تُستعمل في المجالات كلّها وبمستويات تتناسب مع السّياقات التي توضع فيها، بدءاً من رفع سويّة اللّغة العاميّة وصولاً إلى أعلى المستويات العلميّة والفكريّة والثقافيّة..
لذلك يبدو واضحاً وجليّاً أمامنا جميعاً الواقع الذي تحياه اللّغة العربيّة في مواطنها الأمّ، فهي لغة تكاد تتحوّل إلى لغة ثانية في موطنها الأصليّ الذي وُجدت فيه، وسبب ذلك هو الهيمنة الفكريّة عبر اللغة العالميّة، ممّا جعل تلك اللغة تتراجع على حساب هذه، ولهذا الشّأن ينبغي تفعيل اللّغة العربية عبر مظاهر عدة، منها ما نراه اليوم من تحدّيات القراءة مثلاً، إلا أن هذا لا يكفي إذ لابد من التّفعيل بدءاً من مراحل التّعليم الأولى، بشكل لابدّ فيه من فرض الحديث باللغة العربيّة في المدارس، وتحويل أيّ نشاط علميّ أو فكريّ ليكون حاضراً باللغة الفصحى التّامة، وبعدها فرض ذلك في الجامعات، بالموازاة -بالتّأكيد- مع اللغة العالمية- الإنكليزية، لكن من دون أن يتم إلغاء دور اللغة الأم، وبالتأكيد سينعكس ذلك في مجمل الأنماط الحياتيّة، بشكل تحافظ فيه العامّية على حضورها اللازم في الحياة اليوميّة، لكن اللغة الفصحى بذلك ستبقى واضحة التأثير في اللّهجات والعامّيات..
إنّ التّحفيز العلميّ والعمليّ في مختلف الجوانب والأنماط سيؤدي بالضرورة إلى هيمنة الأنماط الجادّة والعلميّة والثقافيّة مما سيجعل المؤثّرات السلبيّة كوسائل التواصل الاجتماعي تلتفت في اهتماماتها إلى ما هو أكثر قيمة ممّا هو واقع الآن، أي أنّ المسألة كلها تكمن في إعادة توزيع الأدوار فحسب، بشكل يتمّ فيه فرض رقابة على أي موقع رسمي ليكون ناطقاً باللغة الفصحى فحسب، ولاسيما في المواقع الجامعيّة التي تكاد تهيمن فيها العامية إلى درجة الابتذال والتّشويه حتى على صعيد اللّغة العامية أيضاً..
ويبدو من الواضح أنّ للجامعة الدور الأكبر في ذلك، فالجامعات السوريّة لا تزال تقدّم محاضراتها باللّغة العربيّة، وهذا بالتأكيد له دوره في رفع شأن اللغة ذاتها، مع ضرورة مراعاة ومواكبة التطوّرات العالميّة، وتفعيل دور التّرجمة في هذا الشأن، وهو أمر لا يقل أهمّيّة عن سواه، فالتّرجمة وإيجاد البديل العربي الفصيح وإحلال التّرادف الأجنبيّ – العربيّ في آن له دور واضح في الحفاظ على هويّة اللغة من دون أن تُلغى بفعل الهيمنة الأجنبيّة، وإلا فإنّ اللغة إلى زوال وهذا أمر لاشك فيه، لأنّ الواقع يقول ذلك بقوة وبوضوح.. ممّا يعني أنها فعليّاً لا تتجه نحو الازدهار بل إنها تتجه نحو الخمول والركود ولا ندري بعد ذلك ما يمكن أن يكون..
وبناء على ذلك لا يمكن الحديث عن مسألة التّقدم، في إطار التجزيء، فالتّقدّم حركة شاملة للجوانب كلّها، بدءاً من أصغر دقائق الحياة اليوميّة وصولاً إلى أعلاها في المستويات العلميّة ذات السويّة الأرفع.

العدد 1126 – 3-1-2023

آخر الأخبار
الحلي التراثي ..تصاميم مستلهمة من العراقة السورية تحف رخامية متنوعة تزين الجناح الباكستاني كجزء من ثقافته الاختراع بصمة الشباب في معرض دمشق الدولي.. جهاز لتسريع التئام كسور العظام بمركز الأطراف الصناعية في معرض دمشق الدولي ... ابتكار سعودي-سوري يُعيد رسم مستقبل البرمجيات في سوريا  الاقتصاد الحقيقي.. دور حاسم في تحديد مسار النمو أسعار محصول البطاطا تعاود الارتفاع في درعا تعديل قوانين غرف التجارة قيد المناقشة شركات سورية.. لأول مرة في معرض دمشق الدولي  من الزيت المستعمل إلى الوقود عالي القيمة..ابتكار في "دمشق الدولي" تطورات في قطاع النفط.. والشركة القابضة تعزز الإنتاجية الاقتصاد الحقيقي.. دور حاسم في تحديد مسار النمو جناح الفنون الجميلة ..لوحات تنبض بالإبداع في معرض دمشق الدولي منظمة "أنصر" تُعزز دورها في التنمية المستدامة خلال مشاركتها في معرض دمشق الدولي البريد السوري في معرض دمشق الدولي: خدمات رقمية وشراكات تدعم الاقتصاد المحلي الحرف اليدوية السورية...فن يروي قصة الإبداع والهوية الثقافية بنية تحتية متهالكة وجهود كبيرة لاستقرار التيار الكهربائي في طرطوس أزمة نقل على خطّي وادي الذهب وضاحية الوليد بحمص بوابة للتعاون السوري - السعودي عقود وفرص جديدة أسباب ونتائج اختلاف أسعار السلع الغذائية بين الريف والمدينة غداً.. منتخبنا الأول يلاقي نظيره الإماراتي