سؤالٌ برسمِ الإنسان

الملحق الثقافي- رنا بدري سلوم:
نكتبُ لأننا نستوطن الأوراق موطناً، والقلم عَلماً، والفكر حريّة، ندمعُ حبراً بدل الدمع، نكتب لنجمّل أوجاعنا ونعطيها أكسير حياة، فتغدو الحروف مرآتنا اليومية وملامحنا وبلسم جراحاتنا، نكتب لنعلن الحرف وجه آخر لأمر «اقرأ»، فنكتب ونكتب ونكتب حتى يستقيل الكلام، وتعلن ضمائرنا إشراقها بعد أن استهلكتنا الأيام بطينها ومائها، نكتب لننتج كلمات تنصهر في الوجود الإنساني، وهذا الفرق بين أن ننتج الكتابة وأن نستهلك القراءة، فنكتب لأننا نشتاق لإنسانية الإنسان فينا.
لماذا نكتب؟ سؤال برسمِ إنسان سيّد أفكاره، فالكتابة وكما رآها واسيني الأعرج « إنها لاشيء سوى رعشة الألم الخفي التي نخبئها عن الآخرين حتى لا يلمسون حجم المأساة وجحيم صرخات الكلمات المذبوحة بالنصل الصدىء»، في وقت تشهد الكتابة فوضى وقلقاً عارماً، نكتب نسج خيال بل نجهل أن الكتابة أمر عظيم وغاية في حدّ ذاته، نستذكر ما كتبه المفكر ميخائيل نعيّمة « كم من ناس صرفوا العمر في إتقان فنّ الكتابة ليذيعوا جهلهم لا غير»، وهنا لابدّ من وقفة مع الذات لإتقان الكتابة التي تعد موهبة ومهنة في آن لا يمتلكها الجميع، صنعة لها أدواتها وتقنياتها، فالثقافة والخبرات والمواقف والرؤى والنقد جميعها طرق توصل إلى كتابة مؤثرة ناضجة تكون مرجعاً للقارئ ومصدراً موثوق، لنحلّق معه في فسحة فكريّة ووجدانية ليس له حدود، وإلا كلماتنا لن تكون بلسماً للروح ولا علقماً لأعداء النور والحريّة ولا وثيقة تؤرخ الحقيقة، لطالما كانت الكتابة ذاكرة حاضرة ، ونحن الغائبين تأخذنا إلى حيث لم نكن يوماً ،وفي الوقت ذاته تنبئنا أين سنكون غداً، أما عن الكاتب الذي يقود فرس الكتابة الجموح فلكل كاتب جواده، له هويته وبصمته فكما نتحدث نكتب، وحيث تأخذنا بوصلة تفكيرنا سنتجه دون مقاومة، نرضخ للحقيقة ذواتنا ليس إلا لتولد بنات أفكارنا التي تشبهنا ولا تشبه أحداً سواها، فينضح قلمنا بما فينا، منا من يكتب بلغة الفرح والمحبة، ومنّا من يكتب بفلسفة وحكمة، ومنّا من يكتب بتمرّد وحرية بالغة، ومنا من يكتب لجلد الذات والنقد اللاذع، ومنا من يكتب ليقيم على أفكاره الحدّ ويشتهي الموت، فكما كتب الفيلسوف «إميل سيوران» إن كانت كتبي كئيبة، فذلك لأنني ابدأ بالكتاب حين تكون لدي رغبة بإطلاق رصاص على نفسي»، « الكاتب سيوران الذي سخط على الحياة فكتب «ما أسعد من لم يولدوا أبداً! يحملني مجرد تخيل نفسي في وضعهم إلى سعادة لا نظير لها، يا لها من حرية! وما أرحبه من فضاء! كان من الأحسن لي أن أكون كما لو أنني لم أكن» ، إذا نكتب لأننا نستجيب لصوتٍ داخلي نتبعه بإلهام حروفنا وذواتنا الخلّاقة التي تعيد تكوين الأنا من جديد، ننتج الموقف برؤية سامية ورؤى إبداعية، ونرى ما لا يراه الآخرون، لأننا سمعنا صوت ضمائرنا وتتبعنا أثره حيث يكون، لنكون أو لا نكون.

العدد 1129 – 24-1-2023

آخر الأخبار
وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق الخبير قوشجي لـ"الثورة": الأمن السيبراني أساس متين في التوجه نحو الاقتصاد الذكي "التربية" تتابع تصحيح أوراق الامتحانات في إدلب هل نستعد؟.. مهن ستنقرض في سوريا بسبب التكنولوجيا خطوة نحو إنجاز المشاريع.. نمذجة معلومات البناء وتطبيق التكنولوجيا الرقمية باراك: العالم كله يدعم سوريا رفع العقوبات وانعكاسه على مستقبل قطاع الطاقة في سوريا سحب مياه معدنية غير صالحة للاستهلاك من أسواق دير الزور الحرائق في سوريا ترسم صورة نادرة لتفاني رجال الإطفاء والدفاع المدني