يحي موسى الشهابي:
تشير الدراسات التربوية بأن معالم شخصية الإنسان تتضح بالتبلور من خلال مايكتسبه الفرد من مهارات ومعارف ومن خلال النضوج الجسمي والعقلي والعلاقات الاجتماعية التي يستطيع صياغتها ضمن اختياره الحر للوصول إلى مستقبله القادم.
ولما كانت المدرسة بعد الأسره من أهم المؤسسات التي تعمل على تنشئة الأفراد ورعايتهم من خلال تزويدهم بمختلف المعارف والخبرات وتوفر لهم المناخ الملائم والسرور برزت إصلاحات تربوية في المدارس تلبية لحاجات البلد من جهة وتماشياً مع متطلبات العصر وتطوراته العلمية من جهة اخرى ومن خلال ما سبق فأي خلل سيؤدي إلى خلل في المنظومة ككل وبالتالي فإن خروج الطفل للعمل ستطرح اشكالية في عدم إشباع المدرسة للاحتياجات ولطموحات فئة معينة لسبب ما، وفي معظم الأحيان للعمل والحصول على المال تلبية لحاجاتهم ولحاجات أسرهم.
التسرب المدرسي
ظاهرة التسرب المدرسي يفاقمها الفقر والعادات وغياب تفعيل العمل بالقانون الخاص بها، حيث تعتبر ظاهرة تشغيل الأطفال بكل نواحيها استغلالا وحرمانا لهم من طفولتهم ويحول دون تعليم الطفل وتدريبه ناهيك عن تعرضه للخطر خصوصاً في الأعمال الخطرة وان كان رأي البعض انها ليست ظاهرة سلبية سوى انها انتهاك للقانون والتشريعات الوطنية والبعد الايجابي يتلخص فيما توفره من احتياجات الأسر الفقيرة والمحتاجة وتعويض الأطفال على المسؤوليات وتكوين علاقات اجتماعية تؤهله مستقبلا للعمل الناجح.
ومن خلال نظرة سريعة على المجتمع نجد الكثير من الأطفال ينتشرون في الشوارع والأزقة كباعة جوالين او متجولين بأشكال مختلفة دون رعاية مشكلين خطراً على المجتمع بالفوضى ونشر الجريمة والادمان ويمكن السطو والبغاء.
الصورة واحده أمام الأفران اذ ترى العجب العجاب حيث السباب والشتائم المسيئة وغير ذلك من الأذى والتنمر.
ومما يزيد من وضع رعاية الأطفال صعوبة وتعقيداً النزاعات المسلحة ومابعدها التي تنعكس سلباً عليهم حيث نراهم بين انقاض المباني المدمرة او الآيلة للسقوط يبحثون عن أشياء قد تفيدهم وفي هذا المجال نجد مراكز استيعاب مايجدونه لاتأبه لما قد يحصل لهم من اضرار قد تكون مميتة او تسبب لهم العجز والخطر كذلك الآباء والأمهات التي تصطحب أطفالها للعمل بهذه الأماكن الخطرة.
جانب إيجابي
من خلال الآراء المتعددة كان العمل في سن مبكرة مفيد لتكوين شخصية شاب المستقبل وتحمله المسؤولية في توفير المال وكيفية انفاقه بحكمة حيث يوظف القليل من المال لسد حاجاته وسيكون هذا الطفل أكثر قدرة على تحمل المسؤولية في الكبر والالتزام والانضباط واكثر معرفة بقيمة العمل مما يساهم في تكوين شخصيته.
فيما آخرون يرون أن القانون الذي يحرم الأطفال دون السن القانوني هو يحرم شريحة كبيرة تضطرهم ظروفهم الاجتماعية والأسرية للعمل الجزئي أو الكلي بغض النظر عما يلاقونه من ظلم واستغلالم سواء بالأجر، أم بالجهد او في التوفيق بين العمل والدراسة أو في سد أوقات الفراغ أو من يمرون بظروف اقتصادية سيئة نتيجة يُتم أو طلاق أو تشرد أو عجز الوالدين عن توفير لقمة العيش أو يساعد في دفع مستلزمات المدرسة.
لوزارة التربية رأيها
الأستاذ عماد هزيم مدير التعليم الأساسي في وزارة التربية بدأ حديثه بالقول: يأتي دور وزارة التربية بكونها احد المعنيين الرئيسين في حماية الطفولة وبنائها جنبا إلى جنب مع المؤسسات والهيئات الأخرى التي تعنى بالطفولة ويأتي دورها الأكبر في محاربة ظاهرة التسرب المدرسي التي تشكل إحدى الأسباب الرئيسية في ظاهرة عمالة الأطفال، وهنا لابد من الإشارة بأن التسرب المدرسي بحد ذاته نتيجة مثله مثل ظاهرة عمالة الأطفال تعود لتوافر عدد من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية على الرغم من أن العامل الاقتصادي هو صاحب اليد العليا في هذه الظاهرة وأهم أسبابها.
إجراءات وزارة التربية
يبين الأستاذ هزيم بأن وزارة التربية عملت منذ بدء الحرب على اتخاذ كافة الإجراءات والقيام بعدد من المشاريع للحد والتخفيف من آثار الحرب وتأمين حق التعليم للجميع من خلال الإجراءات التالية:
-اصدار القانون رقم(٧)لعام ٢٠١٢م وهو تشريع جديد مناسب لمعالجة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي الالزامي حيث تضمنت المادة الثانية منه يلزم جميع أولياء الأطفال العرب السوريين ومن في حكمهم(ذكورا واناثا)بالحاق أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم مابين[٦-١٥]سنة بمدارس التعليم الأساسي.
عقوبات:
كما ونصت المادة (١١)منه على:
في حال امتناع ولي الطفل او المسؤول عنه قانوناً عن إرساله للمدرسة بعد إنذار بعشرة ايام يعاقب بغرامة مالية قدرها من ١٠-١٥ ألف ليرة
ب-عند تكرار امتناع ولي الطفل او المسؤول عنه قانوناً إرسال الطفل للمدرسة يعاقب بضعف الغرامة المالية الواردة في الفقرة أ من المادة (١١) المذكورة أعلاه.
ج- مع عدم الاخلال بالعقوبات الاشد، يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثه أشهر كل من:
العاملون المكلفون بالتبليغ في حال اعاقتهم او تاخيرهم إجراءات التبليغ قصدا.
العاملون المكلفون بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في حال اعاقتهم او تاخيرهم إجراءات التنفيذ،
وكما نصت المادة ١٥ منه على أن ينبه رئيس لجنة المحافظة خطيا أرباب العمل الذين يستخدمون اطفالا في سن الالزام مع التنويه بتطبيق العقوبات القانونية بحقهم حيث تقترح لجنة المحافظة تحريك الدعوى العامة على أرباب العمل بعد انذارهم بعشرة أيام ويحول اقتراحها لوزارة التربية مديرية الشؤون القانونية واذا كانت الجهة التي تشغل اطفالا لديها ممن هم في سن الالزام جهة عامة تحرك الدعوى على مدير الجهة العامة المسؤولة.
خطوات
خطوات تحديد آلية معاقبة التلميذ المتسرب والتي تبدأ بالتواصل مع أولياء الأمور بالتنسيق مع أمين سر المنطقة للتعليم الالزامي وأعضاء لجنة الحي وإيضاح خطورة التسرب وآثاره السلبية وتنتهي برفع دعوى قضائية بحق ولي الأمر في حال تخلفه عن إلحاق ولده بالمدرسة خلال ١٠ أيام من تسلمه الانذار بذلك.
محفزات
ويشير مدير التعليم الأساسي إلى أن الوزارة عملت على دعم أسر التلاميذ العائدين من التسرب من خلال معونات مادية عن طريق صندوق التكافل الاجتماعي بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث تضع فيها خطة سنوية تحدد الاهداف وآليات التنفيذ والمهام الموكلة إلى اللجنة الرئيسية ولجان المحافظات وأساليب متابعة المتسربين واعادتهم للمدارس وكذلك الإجراءات اللازمة للحد من التسرب والأنشطة اللازمة لمعالجة أسبابها وطرق متابعته الأطفال الملتزمين لضمان الحاقهم بالمدارس واستمرارهم لنهاية المرحلة.
تشاركية
وأشار الاستاذ هزيم على ان الوزارة قد أبلغت كل من الوزارات (داخلية. اعلام.ادارة محلية. مالية .عدل.اوقاف.شؤون اجتماعية ثقافة منظمات شعبية ونقابات مهنية) خطتها السنوية في جانب إلزامية التعليم الأساسي لتأخذ كل منها الإجراءات اللازمة وتحدد الآليات التي تحقق المساهمة الفاعلة والميدانية لتطبيق الالزامية في التعليم ومنع التسرب.
تسهيلات في القبول المدرسي
أما عن التسهيلات التي قدمتها التربية فقد أشار لها السيد عماد بما يلي:
قبول التلاميذ الذين لايملكون ثبوتية مدرسية بموجب سبر معلومات ووضعهم في الصف المناسب وفق فئاتهم العمرية
أيضاً إصدار الوثيقة الخاصة بتقدير الأعمار لمن لايمتلكون وثائق شخصية»مكتومين»فاقدي الرعاية الأسرية بشرط وجود وصاية قانونية على التلميذ، كما وتم تنفيذ حملات اعلامية بكل عام لتشجيع التلاميذ العودة للمدارس وتقديم التسهيلات وتوفير اللباس المدرسي والكتب المدرسية وتوزيع الحقائب المدرسية في كافة محافظات القطر.
استيعاب التلاميذ المتسربين أو الذين لم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسه، أميين، أو التلاميذ المتسربين الاميين ضمن مناهج الفئه ب حيث يجتازون الصفوف من الاول وحتى الثامن بأربع سنوات دراسية.
استمرار العام الدراسي لتلاميذ الفئه ب الملتحقين بالفصل الدراسي الثاني وتنفيذ دروس تعويضية لتلاميذ الفئه ب المداومين منذ الفصل الأول خلال فترة الصيف
لحظ تلاميذ الفئه ب والصالحين في الصف التاسع الأساسي ضمن الأعمار المقبولة للتسجيل في الصف الأول الثانوي العام
برامج داعمة
ويختم الاستاذ عماد هزيم بالقول ان هناك برامج داعمة (سبق للزميل اسماعيل جرادات الاشارة إلى أغلبها منذ مدة قصيرة سنشير إليها) للتذكير وهي:
منهاج ب .التعليم الذاتي .التعليم التعويضي ودروس الأندية المدرسية برنامج محو الأمية برنامج التعليم
والتدريب المهني دورات تقوية للشهادتين إصدار مرسوم التعليم المهني وإجراءات شراكة مع القطاع الخاص .كل تلك الإجراءات على حد قول السيد هزيم ساهمت إلى حد ما في خفض نسبة التسرب ورفع معدلات الالتحاق بالمدارس حيث بلغت نسبة الفاقد التعليمي خلال الأعوام من٢٠١٢-وحتى ٢٠٢٢ كما هو مبين بالجدول المرفق .