وما زال الدوري الكروي الممتاز يتحفنا بالغرائب والعجائب، ومازال مُصراً على بقائه شوكة في خاصرة كرتنا يسحبها إلى الوراء، في الوقت الذي تبحث فيه عن بصيص أمل في النهوض، وتفتش عن روافع تدفعها إلى الأمام، بعد تخلفها عن ركب لسنوات وعقود، وربما أكثر.
قد نتفهم أن حادثة اعتداء أحد اللاعبين، وهو دولي سابق، بالضرب والركل على حكم مباراة الوثبة والجيش، فردية تعبر عن صاحبها فقط، وهذا ما أكده ناديه الذي استنكر تصرف لاعبه وتبرأ منه وتوعده بالعقوبة المناسبة، ولكن لايمكن اقتلاع الحادثة من سياقها، والادعاء أنها عفوية في لحظة غضب وطيش، كما أن ذلك لايعني أن الاعتداء مبيت وعن سابق اصرار وتصميم، بل يمكن اعتبارها نتيجة لغياب الرادع المناسب، أو لعدم جدوى العقوبات التي تفرضها لجنة الانضباط والأخلاق، في اتحاد كرة القدم، من جهة، ولأن قرارات العفو التي يصدرها المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام، بين الحين والآخر، تُفرغ العقوبات من مضمونها وأهدافها، وتسهم في الشطط والاستمراء في السلوكيات الشاذة، ليس من اللاعبين فحسب، وإنما من جميع مفاصل اللعبة.
مشاهد الاعتداءات على الحكام لانراها إلا في ملاعبنا فقط، وهذا الأمر تتحمل مسؤوليته إدارات الأندية واتحاد كرة القدم والاتحاد الرياضي العام، كما يتحملها بعض الحكام أيضاً، الذين يقبلون بأي عقوبة للاعب المسيء، مهما كانت درجة اساءته، ولا يطالبون بتشديد العقوبات، تحت طائلة الاعتزال وترك هذه المهنة.
الحكم سيد الملعب، وكرامته من كرامة اتحاد كرة القدم والاتحاد الرياضي العام، والاعتداء عليه، اعتداء على هؤلاء القادرين على القضاء على هذه الظاهرة المقيتة، بفرض العقوبات الأكثر حزماً وردعاً، وعدم شمولها بأي عفو.