“تشاينا ديلي”: استراليا والصين.. تعاون تفرضه المصلحة

الثورة- ترجمة رشا غانم:
يعد التواصل الذي دار عبر الفيديو بين وزير الخارجية الأسترالي دون فاريل مع نظيره الصيني وانغ وينتاو فرصة مؤاتية لاتخاذ خطوة متقدمة جديدة لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها الصحيح.
فبعد عقود من التعاون العملي، شهدت السنوات القليلة الماضية سلسلة من الخلافات وسوء الفهم، وجرت في بعض الأحيان، اللغة التحريضية، إذ دخلت العلاقات في أزمة حقيقية، ولكن، ومنذ تغيير الحكومة في أستراليا العام الفائت، وبعد تولي زعيم الحزب المحافظ أنتوني ألبانيز رئاسة الوزراء، تم استئناف المناقشات الرسمية.
وعلى الرغم من ذلك، فلا تزال هناك حاجة ملحة إلى المزيد من التقدم، ولمواجهة الخطر الهائل الذي يحوم بالمنطقة المشتركة، مما يستوجب من الصين وأستراليا إيجاد سبل جديدة للتعاون المشترك.
هناك أسباب جلية تدفع الجانبين لاستعادة تعاونهم العملي في المجالين التجاري والاستثماري، فقد استفاد كل من أستراليا والصين، ولعقود طويلة، من تزويد بعضهما البعض ما ينقصه الآخر من احتياجات اقتصادية، في علاقة تشكل مثالا للمنفعة الحقيقية المتبادلة، فقد بلغت قيمة العلاقات التجارية الثنائية لعامي ٢٠٢٠-٢٠٢١ ما يقارب ١٨٩ مليار دولار.
كما يمكن لوزراء التجارة اختيار تعزيز وشحن جيل جديد من التطورات الاقتصادية من خلال حل الخلافات الأخيرة بشكل علمي ورفع العقوبات الصينية الرسمية وغير الرسمية على كل من الفحم والسرطان البحري واللحوم البقرية والشعير والنبيذ الأسترالي، والتي قد أثبتت نتائجها العكسية.
هذا وسيزيد حل الخلافات التجارية، من إمكانية زيارة رئيس الوزراء الأسترالي للصين في وقت لاحق من هذا العام، والتي من شأنها أن تشكل فرصة مناسبة للتطلع إلى المستقبل، متجاوزين النزاعات الأخيرة، كما يمكن للعلاقة المستقرة أن تتيح لكلا البلدين التماس التعاون العملي بشأن اللبنات الأساسية للتنمية المستدامة في المنطقة المشتركة.
إنه لمن مصلحة كل من أستراليا والصين تعزيز الانفتاح الإقليمي، والذي قد انبثق عنه بعض من أهم اتفاقات التجارة الإقليمية في العالم، انطلاقاً من التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادىء، وانتهاء بالشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي تعد أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، حيث أبدت الصين رغبتها بالانضمام إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادئ، والذي يضم استراليا عضواً مؤسساً.
وفي الوقت الذي يبتعد فيه العالم عن فوائد التجارة الحرة، ويتبنى العزلة والحمائية التجارية، فستبعث كل من الصين وأستراليا رسالة قوية وصارمة لجميع دول العالم، في حال تمكنت كل من اتفاقية التجارة الحرة والشراكة الشاملة الاستراتيجية  بين الصين وأستراليا من العودة للتعاون المطلق في هذا العام، فعلاوة على إعادة انبعاث أخطار الحمائية التجارية، لا تزال هناك مخاطر منهجية وتخريبية تواجه المنطقة، والتي لا يمكن مواجهتها وإبطال مفعولها إلا عن طريق التعاون العملي.
أول  هذه المخاطر، خطر تغير المناخ، حيث أن العالم ليس في طريقه على المسار الذي من شأنه أن يلبي أهداف الأمم المتحدة للتنمية أو التزامات اتفاقية باريس، وفي المعركة العالمية ضد تغير المناخ، لا غنى عن الصين وأستراليا كمصدر رئيس للطاقة في وضع جيد للشراكة مع الصين وغيرها في تطوير الاقتصاد الأخضر المستقبلي للمنطقة، حيث ستستفيد كل من أستراليا والصين من تطوير صفقة خضراء في آسيا والمحيط الهادئ.
ثانيًا، التحول التكنولوجي الجاري، والذي لا يقل عن ثورة صناعية جديدة، مدعومة بالاتصالات عالية السرعة والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي، مما سيجعل اقتصاد البلدين أكثر ترابطاً، ويجب أن توفر هذه التكنولوجيات الجديدة أيضا حلولاً للتحول الأخضر.
وفي الوقت الذي أكد فيه المحللون الجيوسياسيون على وجود قومية تقنية جديدة وعدوانية تهدد بتقسيم الاقتصاد الرقمي المستقبلي إلى نظامين متنافسين، لكنها لا تتجاوز القدرة على الموافقة على قواعد ومعايير التقنيات الجديدة التي تعمل لصالح الجميع.
في الماضي، أثبت العالم قدرته على تطوير قواعد ومؤسسات مستقرة نسبياً للسلامة النووية والطيران والتكنولوجيات الأخرى أثناء عولمتها، والآن نحن بحاجة إلى تزويد الناس والكوكب بالتقنيات الحديثة، حيث  يمكن لأستراليا والصين، إلى جانب دول أخرى في المنطقة، تقديم مساهمات مهمة في هذه المناقشات حول الاقتصاد الرقمي المستقبلي.

في الوقت نفسه، تتزايد مخاطر المواجهة الجيوسياسية والصراع يومياً، حيث ينتقل العالم من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب، وهنا أيضاً، أستراليا في وضع جيد، فمنذ تغييرها للحكومة، لتكون قوة معتدلة وصوتاً للحوار والتفاهم، لاسيما مع رئيس الوزراء الأسترالي السابق كيفن رود، المدافع الشهير عن المشاركة البراغماتية والعالمية، الذي تم تعيينه كسفير أستراليا الجديد في الولايات المتحدة، فبينما سترى أستراليا والصين حتماً بعض

الأشياء بشكل مختلف بسبب التقاليد المختلفة، فإن المصلحة المشتركة الساحقة هي السلام في المنطقة، وقد حان الوقت لمزيد من بناء الثقة بدلاً من الخلاف.
حيث أن الصين وأستراليا لهما مصالح عالمية، فكلاهما يرتكز على المنطقة نفسها، المنطقة الأكثر ديناميكية في العالم، فلا يمكنهما تغيير جغرافيتهما، ويجب على البلدين أن يبنيا مستقبلاً مزدهراً وسلمياً بالعمل مع بعضهم البعض، مما يعني تبني التنوع، وحل النزاعات عند ظهورها، والسعي وراء المصالح المشتركة.
وفي الختام، يمكننا أن نتوقع من وزيري التجارة في أستراليا والصين أن يضعا هذا الاعتبار أثناء عملهما على حل نزاعات الأمس وتحقيق فرص الغد.
المصدر: تشاينا ديلي

آخر الأخبار
تصدير 600 ألف برميل من النفط السوري يعزز الحضور في الأسواق العالمية وزير الاقتصاد في لقاء حواري: تعزيز الإنتاج وخلق فرص العمل في سوريا دعم الابتكار والشباب.. جولة اطلاعية لوزير الاقتصاد في معرض دمشق الدولي خطة لترميم مدارس درعا تأهيل شوارع بصرى الشام لتعزيز العلاقات.. إيطاليا تعيد افتتاح قسم التعاون في سفارتها بدمشق 200 خط هاتفي  بانتظار التجهيزات في مقسم السليمانية تقديرات بإنتاج 33 ألف طن رمان في درعا سوريا تعرب عن تضامنها مع أفغانستان وتعزِّي بضحايا الزلزال  مستشفى التوليد والأطفال في اللاذقية.. خطط طموحة لتعزيز جودة الخدمات الطبية رغم خطورته أثناء الحرائق.. الصنوبر الثمري يتصدر الواجهة في مشاتل طرطوس الحراجية المواصلات الطرقية في اللاذقية ترصد المحاور المتضررة تمهيداً لإصلاحها هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق