الثورة – أيدا المولي:
شهدنا في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها سورية من كارثة الزلزال تقديم الفنانين ورجال الأعمال مبالغ مالية لضحايا الكارثة، فمنهم من تبرع بريع الحفلات خارج القطر، ومنهم من تبرع بنتاجه الأدبي ومعارضه الفنية.
بالتأكيد لم يجبر أحد هؤلاء على تحويل جزء من أموالهم لأي حساب تجاري.. وكانت مواقفهم محل تقدير من الناس، ولاسيما أنهم كانوا يهبون تلك المبالغ بدوافع إنسانية بحتة لمساعدة أهلهم في حلب واللاذقية وجبلة وإدلب وحماة، كلهم كانوا أهلهم وإخوتهم في الوطن، وإذا كان البعض على وسائل التواصل روَّج بأن بعض الفنانين ورجال الأعمال قد تبرع بدافع الدعاية، فإن المواقف الإنسانية في مثل هذه الظروف لا يمكن أن نحملها مثل هذه الكلمات.
فشكراً لكل من تبرع لأن إحساسهم كان متأهباً لفعل الخير، لكن هل كان الإعلان عن حجم المبلغ بالليرة السورية أو بالعملة الصعبة هو في محله؟ وخاصة أن الجمهور يتحدث عن كثير من الفنانين لا يملكون تلك المبالغ وبالتالي شعر بعضهم بالحرج، لأنهم لم يستطيعوا أن يقدموا ما قدمه زملاؤهم في المهنة، لذا ربما كان الأفضل عدم الإعلان عن التفاصيل برأي شريحة كبيرة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعلى مبدأ: “إن كنت تعطي لا يجب أن تعرف يمينك ما فعلت شمالك”.
– أنواع أخرى من المساعدة..
ولكن اللوحة العامة من خلال ما شهدناه من تقديم المساعدات وتطوع مئات الشباب والصبايا “يعز الخاطر” كما يقال ” فقد انطلقوا من حماة ومن السويداء ومن دمشق وكافة المحافظات، وهبًّوا لنجدة أهلهم حاملين معهم مساعدات تبرع بها الجيران والسكان المحليين من مؤن بيوتهم ومن أغطية وأحذية أولادهم ومن المحلات اشتروا صناديق من البسكويت والشوكولا وبعض التجار عرضوا بضاعتهم بسعر مخفض للتبرع وإهداء ما استطاعوا له دون أن يعلنوا ذلك عبر الفيسبوك وغيره.
وكثير من الشباب عادوا إلى بيوتهم من حلب أو اللاذقية في الساعة 12 ليلاً بعد أن ساعدوا في إنقاذ أرواح كانت عالقة تحت الركام في تلك الأجواء الباردة دون أن يعلن أحد عن أسمائهم ودون أن يعرضوا أنفسهم.
وفي آخر مساعدة “فزعة صبايا سلمية” أخذوا صورة جماعية وقد غطوا وجوههم بألعاب أطفال لأنهم يشعرون بأن ما سيقدموه هو جزء بسيط جداً لاتصل إلى أدنى حدود الكارثة.
في النهاية لا يعرف المرء إلا في المواقف، والسوريون لبوا النداء لأنهم أبناء حضارة واحدة.
