الثورة- ترجمة رشا غانم:
بعد مرور أسبوعين تقريباً من إسقاط سلاح الجو الأمريكي للمنطاد الصيني، كسر الرئيس جو بايدن صمته أخيراً، ففي وقت سابق، تصدرت أخبار المنطاد، وهو يحوم فوق سماء أمريكا الشمالية، عناوين الصحف لمدة أسبوع تقريباً.
لقد ترافق صمت بايدن المطول بأفعال، مثل تأجيل وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكين زيارته إلى الصين، ثم أصدر مجلس النواب الأمريكي قراراً بأغلبية غير مسبوقة 419 صوتاً يدين الصين لانتهاكها الصارخ لسيادة الولايات المتحدة، على حدّ قولهم.
وبعد ذلك، وكصفعة أخيرة، أسقطت القوات الجوية الأمريكية ثلاثة أجسام طيران أخرى فوق أمريكا الشمالية، ووصفتها في البداية بأنها تهديدات للأمن القومي، حتّى أن إدارة بايدن ادعت أن الصين أرسلت مناطيد مراقبة مماثلة فوق سماء العديد من البلدان الأخرى، لكنها لم تذكر أي تفاصيل على الإطلاق، وأرسلوا أصدقاءهم وحلفاءهم لمراقبة سماء بلادهم بقلق وحذر.
وبحسب ما ورد كان القادة الأستراليون يتواصلون مع نظرائهم الأمريكيين ويستجوبون علانية وكالات استخباراتهم.
ولكن، وبعد حديث الرئيس الأمريكي لتلفزيون إن بي سي الأمريكي، فإنّ تفسيره – الذي أصبح منذ ذلك الحين لازمة لجميع القادة الأمريكيين الآخرين، بما في ذلك نائبة الرئيس كامالا هاريس التي تحدثت في مؤتمر ميونيخ للأمن – قد قلل بشكل صارخ من مصداقية وكالات الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، وبعد أيام من انتشال الوكالات الأمريكية للحطام من المنطاد الذي أسقطته، كان كل ما قاله بايدن عن الأجسام الطائرة الثلاثة الأخرى التي تم إسقاطها هو أنه لا نعرف بعد بالضبط ما هي هذه الأشياء الثلاثة.
لكن لا شيء في الوقت الحالي يشير إلى أنها كانت مرتبطة ببرنامج منطاد التجسس الصيني، أو أنها كانت مركبات مراقبة من أي دولة أخرى.
وأثناء محاولته التقليل من شأن الحادث، أشار بايدن إلى أن الأجسام الطائرة الثلاثة ربما كانت جزءًا من بعض الأبحاث الأكاديمية ونشاطاً ترفيهياً أو أنه تابع لشركة ما، على الرغم من عدم ادعاء أحد الملكية حتى الآن.
ومع ذلك، فقد ادعى نادي هواية أمريكي – شمال إلينوي بوتليكاب – أنه فقد أحد مناطيده التي حلقت حول الأرض سبع مرات، ما عزز الحجة الصينية بأن المناطيد الأمريكية كانت تحلق أيضاً فوق السماء الصينية.
ولنزع فتيل الأزمة، قال الرئيس بايدن إنه سيتحدث قريباً مع الزعيم الصيني بشأن هذه القضية، رغم أنه لم يعط أي جدول زمني، كما حاول طمأنة ناخبيه بالقول إنه وجّه فريقه بالعودة إليه بقواعد أكثر وضوحاً حول كيفية التعامل مع هذه الأجسام الطائرة، لتكون قادرة على التمييز بين أولئك الذين يشكلون تهديدات للسلامة والأمن، ما يستلزم اتخاذ إجراءات، وتلك التي لا تشكل تهديداً، وسعى إلى طمأنة أصدقائه وحلفائه من خلال التعهد بالعمل على تبسيط المعايير العالمية للتعامل مع مثل هذه المتطلبات.
ومع ذلك، لا تزال هناك ثغرات كبيرة يجب سدها حتى لا تقع فريسة لردود فعل مماثلة تنطوي على أقوى آلة عسكرية في العالم.
وكأول شيء، وبالتفكير في الوكالات الأمريكية، لم يكن هذا التفسير الرئاسي مختلفاً كثيراً عن الإحاطات الأمريكية السابقة التي شهدت قيام المسؤولين بتكرار عباراتهم كالببغاوات، ما دفع وسائل الإعلام إلى التكهن حول الأجانب الذين يغزون سماء الولايات المتحدة.
ثانياً، وبشكل أكثر تحديداً، من المثير للقلق أن قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية ثنائية القومية -التي تديرها كندا والولايات المتحدة بشكل مشترك “نوراد”- توضح عدم قدرتها حتى على تحديد الأجسام الصغيرة المحمولة جواً بطيئة الحركة فوق سمائها.
كما أنّ الطريقة التي اختاروا بها بشكل سريع إعلان هذه التهديدات على أنها تهديدات للأمن القومي وتدميرها قبل حتى التعرف عليها يجب أن تبعث الخوف لأولئك الذين يعتمدون على الجيش الأمريكي أو حتى التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.
وما يجعل الأمر محيراً بشكل خاص هو أن “نوراد” خضعت مؤخراً للتحديث بتكلفة مليارات الدولارات، وقد تضمن ذلك إعادة ضبط أنظمة الرادار الخاصة بها لاكتشاف مثل هذه الأشياء في السماء.
ففي تموز الماضي، تعهدت كندا وحدها باستثمار 40 مليار دولار لتحديث “نوراد” على مدى العقدين المقبلين، وبالتالي ربط أمنها المستقبلي بالشراكة العسكرية الأمريكية.
ووفقاً للخبراء، أصبحت أنظمة رادار التنبؤ بالطقس متقدمة جداً بحيث يمكنها تحديد شكل قطرة مطر بطول 6 أميال من أكثر من 8 أميال.
ومع ذلك لم تتمكن “نوراد” من تحديد هذه الأجسام الطائرة بطيئة الحركة في سمائها، في حين أن كل هذا له تداعيات على أمن الولايات المتحدة وحلفائها وخصومها على حد سواء.
ومع بداية الانتخابات التمهيدية الرئاسية – حيث أعلن الرئيس بايدن عن رغبته في المنافسة على جولة ثانية – يمكن لمثل هذه الأمور أن تتحدى أيضاً منافسته على الرئاسة.
المصدر: تشاينا ديلي