منذ بداية الأحداث في سورية مطلع عام 2011 كان الحوار على المستوى الوطني خياراً أساسياً للقيادة السورية لجهة الاستماع إلى مطالب المواطنين والقوى الوطنية لجهة إحداث إصلاحات في البلاد وعلى كل المستويات، وعلى هذه القاعدة التقى السيد الرئيس بشار الأسد عشرات بل مئات الوفود الشعبية من مختلف المحافظات والمناطق السورية، وعلى أثر هذه اللقاءات حدثت إجراءات وقرارات على المستوى الوطني منها ما تعلق بدور حزب البعث والقضاء والإعلام والحياة السياسية وتغييرات في الحكومة وبعض المحافظين والأجهزة المختصة وغيرها، ومع كل تلك الإجراءات لم تتراجع موجة الاحتجاجات بل زادت وتيرة التصعيد الإعلامي والتحريض الخارجي وتدفق مئات الإرهابيين من دول عديدة بحيث تحول الحراك السلمي إلى عسكرة وعنف ذهب ضحيته عشرات بل مئات الضحايا مدنيين وعسكريين، وجرى استهداف للمؤسسات المدنية والعسكرية، وترافق ذلكً كله مع تدخل واضح للقوى الخارجية بوسائل مختلفة سياسية وعسكرية واقتصادية وأمنية، وبرز الدور السلبي للجامعة العربية من خلال تجميد عضوية سورية فيها بشكل يخالف الميثاق، وعقدت مؤتمرات بضغط منً بعض القوى الخارجية بهدف عزل سورية وإظهار نظامها السياسي وكأنه غير شرعي وفي طريق للسقوط خلال أيام أو أشهر في قراءة غير واقعية لوضعه وبنيته وتجذره وشرعيته.
ومع كل موجات التحريض والاستفزاز اتبعت القيادة السورية سياسة الأبواب المفتوحة تجاه الدعوات لاجتراح الحلول مع تأكيد وتمسك بالحل الوطني وانسجاماً مع تلك السياسة استقبلت سورية المبتعثين الإقليميين والدولين بدءاً من مصطفى الدابي مروراً بكوفي عنان والأخضر الإبراهيمي ودي مستورا وصولاً للمبعوث الحالي بيدرسون، ومع كل ذلك ومع انطلاق أعمال لجنة مناقشة الدستور إلا أن الأزمة بقيت تراوح في مكانها بسبب تحكم القوى الخارجية بإرادة ما يسمى المعارضة الخارجية ومصادرتها لقرارها بما يخدم أجندتها الخاصة ولعبت الحكومة التركية دوراً سلبياً في هذا المجال وبتنسيق مع الأميركي وبعد تحقيق الانتصارات العسكرية، وطرد المجموعات المسلحة من أغلب مناطق البلاد برز العامل الخارجي بشكل أوضح إذا سيطرت قوات تركية محتلة على بعض المناطق في الشمال الغربي، وأمنت حماية للمجموعات المسلحة هناك ولاسيما في مناطق إدلب كما دعمت قوات الاحتلال الأميركي المجموعات والقوى الانفصالية شمال شرق الفرات تحت عنوان قوات “قسد” التي وضعت أيديها على الخزان الاقتصادي للدولة السورية سعياً منها لإنهاك سورية اقتصادياً ولاسيما مع صدور ما سمي قانون قيصر واستثمر ذلك بهدف تحقيق ضغط اقتصادي يدفع الحكومة السورية لقبول تسوية سياسية تنسجم مع مصالح القوى الخارجية بعد الفشل في إسقاط الدولة عبر القوة العسكرية والضغط الخارجي.
اليوم وبعد مضي أحد عشر عاماً على الأزمة وما خلفته من دمار هائل في سورية وضحايا بعشرات آلاف الشهداء والجرحى من الجيش العربي السوري والقوى الرديفة، وتدمير ممنهج للمؤسسات الوطنية السورية، وسرقة ثروات البلاد، ومحاولة إسقاطها كدولة أو تقاسمها وتقسيمها تقف سورية جريحة ولكنها ثابتة على مواقفها مصممة على استعادة كل شبر من أرضها وعودة السلطة الشرعية إلى كافة الجغرافيا الوطنية السورية، والتمسك بالحل الوطني تأتي دعوة السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الموجه للشعب السوري إثر الزلزال الذي أصاب البلاد إلى حوار وطني واسع وطرح لأفكار جديدة بايجاد مخرج وطني من الأزمة فرصة للجميع لكي يعيدوا حساباتهم وينخرطوا في حوار جدي وشفاف يعتمد المصلحة الوطنية وفائض قوة الداخل ليكون قارب النجاة للجميع وصولاً لوطن آمن مستقر كريمً يعاد بناؤه بسواعد أبنائه الشرفاء ليعود قوياً عزيزاً فاعلاً في المشهد الإقليمي والدولي ومتمسكاً بثوابته القومية وإصراره على استعادة ما احتل من أرض عربية في فلسطين والجولان من العدو الصهيوني الغاصب.
السابق
التالي