ظافر أحمد أحمد:
إحدى مسلَّمات العالم القائم على تحكُّم القطب الواحد أنّ السياسة الخارجية الأميركية ترتكز على التدخل في شؤون الآخرين ونشر الفوضى وضعضعة الاستقرار العالمي، وهذه هي المهمة الأساسية للقواعد الأميركية المنتشرة في أنحاء الكرة الأرضية، ولا تسلم من ممارسة ضغوطها حتى على الدول الموافقة على استضافة تلك القواعد، وتتكفل تلك القواعد في الملفات الإستراتيجية بمصادرة قرار “الدول المضيفة”!.
كما أنّ للولايات المتحدة قواعد منتشرة من دون أيّ شكل من أشكال موافقة بعض الدول التي تنشر فيها قواعد أميركية ومنها سورية وفق أنموذج عشرات القواعد اللاشرعية للاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية، إضافة إلى قاعدة التنف الواقعة على مثلث حدودي يطلّ على العراق والأردن والعمق السوري والتي أصبحت ذات أهمية إستراتيجية أميركياً، ولولا ذلك لما وصلت الأمور إلى درجة أن يزورها رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة بعد مناقشته في الكيان الإسرائيلي ملفات الأمن الإقليمي وفي وقت يتزايد فيه إعادة تأهيل قيادات ومقاتلين من تنظيم داعش لضرب استقرار بعض المناطق في سورية والعراق.
وعندما تلقى هذه القاعدة كل هذا الاهتمام الأميركي فهذا يؤكد أنّ الاحتلال الأميركي يعوّل عليها كثيراً في مهمتها الأساسية المحددة بأن تكون بوّابة الولايات المتحدة للتلاعب بالمستقبل السوري، وسبق لمسؤولين أميركيين الحديث بوضوح عن أنّ قاعدة التنف تتيح نفوذا أميركياً لفرض حلٍّ يخص مستقبل سورية، إضافة إلى تدريب علني لفصائل إرهابية تصنفها واشنطن بأنّها شريك محلي لها في سورية.
ويتعدد من تسميهم الولايات المتحدة الشركاء المحليين، فتؤهلهم للتحكم في أكثر من منطقة سورية.. ففي الشرق السوري تعمل بشكل علني مع ميليشيا قسد الانفصالية بإشراف مباشر من القواعد الأميركية اللاشرعية في الجزيرة السورية، وفي التنف شريك آخر، بل ويتمّ معه تأهيل متعددي جنسيات من شتى الدول التي صدَّرت إرهابيين إلى سورية وأشهرهم إرهابيو داعش، وهذا ما يؤكد زيف مصطلح (الشريك المحلي).
ومع المعلومات المتواترة حول شؤون قاعدة التنف فإنه تمّ ويتم توسيع مهماتها بحسب الظروف الإقليمية والعالمية، وهنا لابد من التذكير بتقارير سابقة للاستخبارات الروسية التي أكدت أنّه يتمّ في قاعدة التنف (تأهيل المسلحين من متعددي الجنسيات الموالين للولايات المتحدة لنقلهم إلى أوكرانيا أيضاً، وتعطى الأولوية لعناصر من دول القوقاز وآسيا الوسطى..).
وسبق إطلاق سراح عشرات المسلحين من تنظيم “داعش” من سجون قسد، ونقلهم إلى منطقة قاعدة التنف الأمريكية للتدريب القتالي على أنواع من الصواريخ والمسيرات وأسلحة متعددة، ويتم بين الحين والحين مشروعات تدريبية مباشرة في التنف بإشراف تلك القاعدة التي تتحوّل إلى مركز استخباراتي متطور في المنطقة، ويمكن الاستنتاج من خلال أنواع من تؤهلهم قاعدة التنف وبما لا يفتح أي مجال للشك بأنّها بوابة للتدخل في شؤون سورية والعراق وأوكرانيا حتى الآن.