ظافر أحمد أحمد:
لا شيء يؤكد بعد بأنّ إفلاس ثلاثة مصارف في الولايات المتحدة ومصرف سويسري وحالة ضعف اليقين بالمصارف الأوروبية وتذبذب قيمتها السهمية باتجاه الانخفاض مؤخرا..، هو مجرد حدث عابر.
فالواقع الاقتصادي العالمي غير مستقر طالما وسيلته الأساسية العقوبات الغربية وما تسببت وتتسبب به من خلخلة سوق الطاقة.
عندما قررت واشنطن استهداف قطاع الطاقة الروسية تسببت بارتفاع أسعار شتى السلع والخدمات عالميا، وارتفاع معدلات التضخم، ووجدت نفسها أمام الإجراءات التقليدية الخاصة بمحاصرة التضخم من خلال رفع نسب الفائدة، وهو إجراء عندما يتّبع عالميا ينجم عنه ارتفاع بتكلفة الإقراض والمشروعات والتردد في توسيعها وزيادة الأعباء على إنتاجها وتحجيم للاستثمار، وبشكل عام تتمهد الأمور لتجميد أموال ضخمة لدى المصارف طالما معدلات الفائدة مرتفعة، وتتحقق ظروف مثالية للكساد الاقتصادي.
في كل الأحوال، القطاع المصرفي هو الركن الأساسي في إطلاق أزمة مالية عالمية أو منع وقوع الأزمة، أو كمونها إلى وقت ما..، وعندما أقبل المودعون على سحب ودائعهم من البنوك في الولايات المتحدة عام 2008 نتيجة أزمة الرهن العقاري وإفراط المصارف في قروض لا تغطيها عقارات وضمانات المقترضين، تفجرت الأزمة المالية العالمية من البوابة الأميركية، وتكشفت السياسات الخاطئة للبنوك الأميركية التي سرعان ما تورطت في حالات إفلاس وخسائر فادحة.
هذه الآونة الولايات المتحدة ذاتها هي بوابة (تخمير) أزمة مالية عالمية جديدة، فهي من سنّت العقوبات وتسببت في رفع معدلات التضخم عالميا وسبقت الجميع في رفع معدلات الفائدة لمواجهته، وتكشفت السياسات الخاطئة لدى ثلاثة مصارف حتى الآن هي بحكم المفلسة وتبين أنّها لا تملك كتلة نقدية تغطي حالات سحب أموال المودعين، وتثبت عدم استفادتها من دروس الأزمة المالية العالمية عام 2008.
تطمينات أميركية رفيعة المستوى وإجراءات تخص أموال المودعين في المصارف الأميركية، ولكن ما من تطمينات تجاه سياسة العقوبات الأميركية بكل ويلاتها على الاقتصاد العالمي، بل على العكس لا تتردد واشنطن في مزيد من الوعيد وتوسيع العقوبات وما يتبعها من إجراءات باقي عمالقة الدول الغربية الذين يطلقون النّار على أقدامهم لإرضاء حاكمة النظام الاقتصادي الليبرالي الرأسمالي العالمي.
تعتقد الولايات المتحدة أنّ تفجيرها للاقتصاد العالمي لا يصيبها إذ تستند إلى قطاع مالي قوي لديها، وتترفع عن الإقرار بأنّها تطلق النّار على قدميها أيضا عندما تعاقب الاقتصاد الروسي وغيره..؟!
هل القطاع المالي الأميركي قوي في استقراره؟
ربما الخبر اليقين عند مصارف “سيلكون فالي” و”سيغنتشر” و”سيلفر غيت” الأميركية التي انهارت، وما يحيط ببنك “فيرست ريبابليك”، حتى الآن من حالة عدم اليقين..!
