تداخلت خلال السنوات الأخيرة الأفكار المتعلقة بالقيم الرمضانية الأصيلة، في ظل متغيرات سريعة أثرت على طرق الاحتفال بالشهر الكريم.. فبعد أن كانت الطقوس أكثر بساطة وانسجاماً مع قيم رمضان حيث كان الناس أكثر سعادة وارتياحاً.. وكانت لمة العائلة على المائدة هي الأساس في هذه الطقوس، وسكبة الجيران، وإضاءة القناديل والزينة والمسحراتي وغيرها من الأشياء التي تجعلنا نحنُ إلى الماضي ونتمنى العودة إلى تلك المائدة المتواضعة وحلوى المنزل والعلاقات القائمة على احترام الكبار والرحمة بالصغار.. حيث الترابط الأسري وتبادل الأحاديث والاطمئنان على أحوال بعضهم البعض.
ومع أن الفكرة المهمة في شهر رمضان من الامتناع عن الطعام والشراب.. هي الشعور بالفقراء والمحتاجين وردم الفجوة بين طبقات المجتمع.. هناك شريحة تعيش حالة من البذخ في كثرة الطعام ومظاهر الترف على موائد الإفطار وفي المطاعم والأسواق.. في حين أصبح المجتمع يغص بأعداد الأسر الفقيرة التي تقل قدرتها الشرائية عن مستوى تأمين مستلزماتها الأساسية.. يرافق ذلك التقدم التكنولوجي الذي نال جزءاً كبياًر من تلك العادات الراسخة.. فحل التواصل الافتراضي محل التواصل المباشر وابتعد غالبية الجيل الجديد عن الحضور الحقيقي والقيم الأصيلة التي يحتاجها الإنسان سنداً روحياً ومعرفياً لاستمرار الروابط والعادات.
كيف يمكن ردم الفجوة بين قيم رمضان وما حدث من متغيرات؟ وخاصة بعد أن أصبح هناك عبء كبير على ميزانية الفقراء والطبقات المتوسطة.. وهل وصلنا إلى درجة من الإحباط في إقناع الأجيال الجديدة بالتخفيف من تعلقها بالجولات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تغطي يومها تجوالاً في الانترنت وعلى صفحات التواصل الاجتماعي؟ ربما تكون الإجابة حاضرة في بعض الجوانب المشرقة من مبادرات مطمئنة على قيمنا الأصيلة.. يحاول أبطالها وهم من شريحة الشباب المتطوع أن يغيروا من الإحساس بوجود هذه الفجوة المجتمعية ..فيشكلون فرق عمل وأيادي خيرة تمتد لمساعدة الأفراد والأسر ..يعملون من خلال التقصي وجمع البيانات عن أنوع المساعدة التي يحتاجها الناس في محيطهم وهم متواجدون ليس في شهر رمضان فقط.. وإنما يعملون طوال العام بدوافع شخصية تدعم القيم الأصيلة وإن كانت تُقام بأدوات جديدة ..وكل عام ومجتمعنا بخير.