زمن الرواية

الملحق الثقافي- أحمد علي هلال:
قبل ثلاثين عاماً ونيف، وضع الناقد الراحل جابر عصفور كتابه الأشهر «زمن الرواية»، بما طرحه من جدليات بخصوص تطور الجنس الروائي وازدهاره وتنوعه وثرائه، لكن ذلك لا يمنع من تطور أجناس أدبية أخرى، وما استبطنه الناقد هنا هو دالة تطور الرواية واجتراحها لزمنها، وليست بوصفها منافسة للشعر بوصفه ديوان العرب وأجناس إبداعية أخرى، وبانطواء تلك العقود الثلاثة على كتابه/ الحدث، ثمة العديد من الأسئلة المستحقة بخصوص التحديات التي تواجهها الرواية على الرغم من التطور الهائل والتفجر المعرفي الذي طال مناحي الحياة وعكس نفسه في وسائل التواصل الاجتماعي، فمن التبسيط المخل أن تكون هذه الوسائل بما فرضته على الرواية من إيقاعات مختلفة «الرواية الرقمية» وغير ذلك من تشكل البديل لرواية أو معيقاً لها، بل على العكس لعل الرواية العربية على وجه الخصوص قد استفادت من هذه التقنيات السمعية والبصرية، ودليل ذلك لجوء بعض الروائيين إليها كخيار فني يُجَسّر المسافة في عالم انداح الورق فيه وأصبح لصيق زمن بعينه، لكن الخطورة في هذا السياق تأتي من العبث بالرواية على مستوى قواعدها الفنية ومعاييرها الناظمة لتتشظى كبنية متماسكة وكعالم له خصوصيته، إذ إن زمن الكتاب الإلكتروني على سبيل المثال إن لم يكن مساعداً في القراءة وجسر المسافات، فإنه ولوحده لا يشكل المزاج العام والخاص بآن للقراءة وطقوسها المعروفة، ولأسباب تقنية صرفة، فما زال الكتاب الورقي من يمثل قوة القراءة بعيداً عن حجمه وعدد صفحاته، والتي من المناسب جداً هنا أن تكون أقرب إلى « النوفيلا» – الرواية القصيرة – التي لا تتجاوز مثتي صفحة كما اقترحها ذات يوم الروائي الكولومبي جابرييل غارثيا ماركيز، نظراً لأن زمننا الآن هو زمن الصورة، والصورة أسرع من الكلمة وهذا ما يشكل تحدياً للروائيين من أن يسبقوا الزمن بالكلمة الصورة، ومثل هذا الزمن لا يحتمل ما يتجاوز المثتي صفحة لأن طبيعة القراءة اختلفت كما مستويات التلقي بوجود التنوع في وسائل التواصل الاجتماعي، وتعدد خيارات القراءة، وأكثر من ذلك ونحن في زمن الكتاب واستدعاء هذا الزمن بما ينطوي عليه من حيازة الذاكرة الأبقى، والأكثر ثباتاً، خلافاً لوسائل التواصل ذات الذاكرة السريعة والهشة، ثمة إذن تحديات من طبيعة معرفية تحمل الروائيين والكتاب والمبدعين على تحديث الشكل الروائي دون العبث بالمضمون، وعلى مستويين الأول هو الاستجابة للثورة التقنية، والثاني هو المعاصرة المنشودة التي تحملها هذه الروايات، إن هاجس المبدع اليوم هو الوصول إلى القارئ الذي تتحدد استجابته الجمالية والفكرية للرواية مثلاً، بتكامل الشكل والمضمون وجدليتهما الأثيرة، فالمضمون سيصبح شكلاً جديداً، ومن الأهمية بمكان أن ندرك مع خطورة هذه الوسائل وبما يمكن لها أن تقوض عادات وطقوس الكتاب الورقي، البحث عما يديم هذا الكتاب بأشكال من التلقي الفاعل الذي لا يطيح بالكتاب الورقي ويجعله مجرد كائن ورقي صامت وفي ركن مهمل، أو مجرد زينة للمكتبات والبيوت فحسب، فمازال تأثير الكتاب على الرغم من تفاوته ولظروف بعينها قوياً شأن الرواية التي انفتحت عوالمها أكثر، نظراً لحساسية القضايا المعاصرة «الحرب والسلام» والأزمات الوجودية، والشرط الإنساني الذي تتمثله، بل هي بوصف الشاعر مالارميه «أنثربولوجيا العالم».         

العدد 1142 –  2-5-2023    

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص