الثورة – فادية مجد
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام تفاصيل حادثة مؤلمة هزّت الرأي العام، حيث تعرضت شابة عشرينية لاعتداء وحشي من زوجها، تمثل في سكب الزيت المغلي على جسدها، ما أدى إلى إصابتها بحروق وتشوهات بالغة، أودت بحياتها.
الحادثة التي وقعت في إحدى الدول العربية، أعادت إلى الواجهة قضية العنف الأسري، لاسيما ضد النساء، في ظل غياب آليات حماية فعالة، وتراخي بعض الجهات المعنية في التعامل مع هذه الجرائم بجدية وحزم .
أخطر الظواهر الاجتماعية
وفي هذا السياق تؤكد الدكتورة في التربية وعلم النفس بتربية طرطوس تهامة المعلم أن العنف الأسري يُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي باتت تؤرق المجتمعات المعاصرة، لما لها من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية جسيمة. ويتظاهر العنف الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة، كعنف الزوج ضد زوجته، أو العكس، أو عنف الوالدين تجاه الاطفال، وتنعكس آثاره على بنية الأسرة واستقرارها، وعلى الصحة النفسية للأفراد والأطفال.
تتعدد دوافع العنف الأسري، وأبرزها الدوافع الاجتماعية كالعادات والتقاليد التي يرثها الأبناء عن الآباء والأجداد، والتي تكرّس فكرة أن للرجل الحق في السيطرة على شريك حياته، واعتقاده بأن رجولته تتمثل في قدرته على فرض سلطته على أسرته، وهناك أيضاً الدوافع الاقتصادية عندما تعجز الأسرة، وخاصة الزوج، عن تأمين مستلزمات الحياة اليومية لعائلته بسبب ضعف الموارد المادية وتدني مستوى الدخل، قد تحدث نزاعات بين الأزواج، وبالتالي يرتفع مستوى العنف عند الرجل. كما أن هناك دوافع ذاتية ونفسية، وهي تلك التي تنبع من داخل الإنسان وتدفعه نحو ممارسة العنف، ويمكن إيجازها في صعوبة التحكم بالغضب، وتدني احترام الذات، والشعور بالنقص، واضطرابات الشخصية، وترتبط هذه العوامل بالتنشئة الأولية في حياة الفرد، مثل الإهمال وسوء المعاملة، أو مشاهدة الطفل في سنواته الأولى لمشاهد عنف خلال فترة النمو، واعتقاده بأن العنف وسيلة لضبط الأمور العائلية، وقد يظهر العنف نتيجة عوامل وراثية، أو نتيجة أفعال غير شرعية صدرت عن الآباء أو الأمهات وأثرت على سلوكهم في المستقبل.
أنواع العنف
وفيما يتعلق بأنواع العنف الأسري، أوضحت المعلم أن العنف الجسدي يتمثل بالأضرار الجسدية مثل الضرب، ووجود كدمات وعلامات تشير إلى التعنيف، أو التسبب بإعاقة دائمة، أو حتى الموت، أما العنف النفسي، فهو من أكثر الأنواع شيوعاً في المجتمع، إلا أنه من أصعب الأنواع في القدرة على تمييزه أو معرفة مدى أثره، وذلك لعدم وجود آثار مادية ظاهرة على الضحية. وهناك العنف الجنسي، والذي يُعرف على أنه فعل أو قول يمس كرامة الإنسان ويقتحم خصوصية الجسد، سواء أكان عنفاً جنسياً مادياً أو معنوياً، كالألفاظ والتعليقات الجنسية الجارحة.
ومن ناحية آثاره النفسية والاجتماعية، يؤدي العنف الأسري إلى آثار وخيمة أبرزها التفكك الأسري وعدم العيش بأمان واستقرار، كما يؤدي إلى الطلاق وانفصال الزوجين وانهيار الأسرة وضياع الأبناء. إضافة إلى خلق عداوة اجتماعية، فالطفل الذي يعيش في بيئة غير سوية يكون أكثر عرضة لاكتساب سلوك عدواني، مما ينعكس سلباً على المجتمع بأكمله.
سبل المواجهة
وشددت الدكتورة المعلم على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة من خلال مجموعة من الإجراءات العلاجية والوقائية كبرامج التوعية باستخدام طرق وأساليب تبين خطر العنف الأسري، والوقاية القانونية من خلال معرفة القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية الأسرة، وكذلك الوقاية الإجرائية عبر معرفة طرق الوصول إلى خدمات الحماية بعد التعرض للعنف والإبلاغ عنها، مؤكدة على ضرورة وجود مراكز تقدم استشارات للرعاية الأسرية ومؤسسات مجتمعية للدعم النفسي، مع تأمين مستشارين مختصين قادرين على تقديم الرعاية الخاصة والخدمات الضرورية في حالات العنف.
وختمت أن العنف ليس وسيلة لضبط الأمور، بل هو طريق لانهيار الأسرة والمجتمع، وعلينا أن نكسر دائرة الصمت، ونمنح الضحايا صوتاً وأماناً، ونبني مجتمعاً قائماً على الاحترام والمساواة والعدالة.
الرأي القانوني
من جهته المحامي ياسر محرز أفاد أنه لا يوجد في قانون العقوبات نص خاص يبين فيه عقوبة الزوج أو الزوجة في حال اعتدى أحدهما على الآخر، بينما هناك نصوص عامة في قانون العقوبات السوري تنص على حماية الأشخاص من أي اعتداء عليهم وهي المواد من 540 حتى 543 في قانون العقوبات، والعقوبة تكون حسب مقدار الإصابة والمدة التي تحتاجها للتعطيل عن العمل، باعتبار أن كل إصابة تحتاج إلى فترة تداو وشفاء والمدة التي تعطل فيها المتضرر عن العمل.
ولفت إلى أن أغلب قضايا العنف ضد المرأة يتم حلها بالتراضي بأن تسقط المرأه حقها الشخصي بالدعوى حفاظا على عائلتها وأولادها بعد تعهد الزوج أمام القضاء بعدم التعرض لها ثانية ، وفي حالات كثيرة يلجآن إلى طلب الطلاق نتيجة الأذى الجسدي والنفسي الذي لحق بهن .