الثورة:
يشعر العلماء بالقلق لأن درجات حرارة سطح البحر تحافظ بعناد على مستويات قياسية لأكثر من شهر، ما يدفع بحالة محيطات الأرض إلى منطقة مجهولة.
فبدءًا من منتصف شهر آذار، قفزت البيانات الصادرة عن الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) بشكل كبير عن التسجيلات السابقة، بعد انخفاض جليد البحر في القطب الشمالي والقطب الجنوبي هذا العام. ونتيجة لذلك، يظهر عدد كبير من موجات حرارة المحيط في جميع أنحاء العالم؛ ما يشكل ضغطًا لا يوصف على الحياة البرية. فالأحداث مقلقة. لكنها للأسف ليست غير متوقعة بالنسبة لأولئك الذين يعملون في علوم المناخ.
وفي هذا يشرح عالم الكيمياء الجيولوجية الحيوية في منظمة الصحة العالمية غينس تيرهار قائلا «في حين أنه من المريح أن نرى أن النماذج تعمل، فإنه من المرعب بالطبع أن نرى تغير المناخ يحدث في الحياة الواقعية. نحن فيه وهذه مجرد البداية».
وفي حين أن هناك أدلة متزايدة على أننا سندخل مثل هذا الحدث قريبًا، إلا أننا لم نصل إلى هذا الحد بعد، ما يجعل من المحتمل أن ترتفع درجات حرارة سطح البحر بشكل أكبر خلال العام المقبل.
وفي هذا الاطار، يميل تجمع الحرارة قبالة الساحل الشرقي لشيلي إلى التنبؤ بظواهر النينيو وهذا بالضبط ما نشهده في الوقت الحالي؛ إذ تظهر الخريطة الحرارية للمحيطات أحلك بقعة قبالة الساحل الشرقي للمكسيك بالقرب من تشيلي.
من جانبه، يقول جوزيف لوديشر عالم أنظمة الأرض «إذا ظهرت ظاهرة النينيو الجديدة فوقها، فمن المحتمل أن يكون لدينا احترار عالمي إضافي يتراوح بين 0.2 و 0.25 درجة مئوية».
بدورها توضح عالمة المحيطات مونينيا روغان أن الحرارة الزائدة الناتجة عن ظاهرة النينيو ستدفع بعض مناطق كوكبنا إلى ما بعد 1.5 درجة مئوية من الاحترار لأول مرة.
وتعتقد روغان أن ما نراه هو التخفيف من ظاهرة النينيا؛ التي جلبت ظروفًا أكثر برودة تخفي الحرارة الزائدة في أنظمة كوكبنا. ومع ذلك، يشعر بعض العلماء بالقلق والتوتر بسبب الآثار المحتملة التي يترددون في التحدث عنها.
جدير بالذكر، تُستخدم احتمالات «سيغما» لحساب احتمالية أن تكون البيانات المعنية نتيجة لشيء آخر غير الفرضية. إذ غالبًا ما نُبلغ عن هذه الإحصائية في المقالات عن الفيزياء والفيزياء الفلكية. و 5 سيغما هي العتبة التي يثق الباحثون حقًا من أن ما يرونه ليس مجرد فوضى الكون أثناء العمل. وبعبارة أخرى، «خمسة سيغما» تعني أن هناك احتمالية بنسبة 99.99972٪ أن تكون الأرقام مقياسًا لظاهرة متوقعة حتى لو كانت ظاهرة شاذة للغاية.
ويخشى الباحثون من أن مثل هذا الانحراف الكبير بشكل غير طبيعي عن درجات الحرارة السابقة قد يشير إلى أن محيطاتنا قد وصلت إلى حدود قدرتها على امتصاص الحرارة. وستكون هذه أخبارًا سيئة للغاية نظرًا لأن محيطاتنا قد امتصت حتى الآن أكثر من 90 في المائة من الحرارة الزائدة … أي أكثر من 90 في المائة من الحرارة الزائدة التي ضختها أنظمتنا المناخية.
من جهته، يقول عالم المحيطات مايك ميريديث «إن سبب القلق هو أنه إذا استمر، فسيكون هذا متقدمًا على منحنى المناخ المتوقع للمحيطات. لكننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كان ذلك سيحدث. من أجل ذلك لم نصل إلى هذا الحد بعد. لكن الاتجاه يتبع توقعات الأسبوع الماضي بأننا نسير حاليًا على المسار الصحيح للاحترار بمقدار 3 درجات مئوية بحلول عام 2100».
ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أنه حتى إذا تم الوصول إلى حدود تخزين حرارة المحيط، فإن كل ما يمكننا القيام به لتقليل إدمان الوقود الأحفوري الضار لا يزال مهمًا، وربما أكثر من أي وقت مضى.