الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:
الكتابة عموماً. أنتجتها مرحلة تطور إنساني..فكرياً وابداعياً. وبعد ارتباط التطور الفكري بمنجزات العلم. بدا أن الأدب بما هو شكل من أشكال الفكر. يجد طريقه في سلم التطور. من حيث تنهيج ونمذجة الإنتاج الإبداعي. وكانت الرواية في العالم. ثمرة أنضجها تفاعل وجدل الأجناس الأدبية. فتخطّت الرواية القص.بمحدودية أدواته. وبالنسبة للزمن الحكائي المتوارث. فكانت الرواية أكثر من نظرة سريعة للعالم.
وحقيقة أن المرحلة التي أنتجت الرواية. كما أنتجت غيرها من أشكال الأدب والفن. حملت الرواية إلى الصف الأول في الاهتمام والتقدير. لدى القراء والنقاد. وبقيت الرواية تتمدد وتتسع رؤاها. بتطوير الشكل وأساليب السرد.وفي عموم محمولات الفكر. ولم تعد استشرافاً للعالم وقضاياه فقط. بل أصبحت صوت العالم. بحيث قال البعض:إن مدى تطور الشعوب يقاس بما تنتجه من روايات.
الآن. حين تعصف أمواج التغيير في جميع مستويات المعرفة. ويتم اختزال اللغات وتشفيرها. ويعم الافتراض في التواصل العالم. تبدو الرواية بالطبع من الصخور التي ترتطم بها تلك الأمواج. والمسألة مرتبطة بديمومة الطقس المريب من عدمها على مستوى العالم. فما تأصل واستقر. لا يزول مع موج موسمي أو طارئ.
في منطقتنا وبلدنا تحديداً..سنرى أن تراجع الإنتاج الروائي.متعلق بتراجعات عامة في مسائل الابداع. وليس في طبيعتها وبنيتها كرواية. مع ذلك. نلاحظ فعلاً صمود الرواية في وجه غلاء الكتب. وعدم قدرة الكتّاب على طبع منتجهم. ومع عوامل أخرى منها التقييد الفكري وأشكال الرقابة.
في احصائية سريعة. وجد البعض أن الرواية ما زالت هي حصن الكتاب وملجؤهم دون بقية الأجناس الأدبية. وتتابع ظهورها الباذخ في معارض الكتب. وفي المسابقات الأدبية. وتبدو انها ما زالت هي الأنسب.والأقدر على تمثل الحالة الابداعية.في العالم. وفي منطقتنا العربية. وفي سورية تحديداً. وتتابع أسماء الروائيين السوريين التألق والبروز في الساحة الأدبية. والسبب كما نرى..هو في النموذج متين البناء الذي ظهرت فيه الرواية. وفي الاثر والتفاعل الذي تنتجه لدى القراء والنقاد. وستكون آخر صخور شاطئ تضربه أمواج وأنواء فصول شتاء الأدب. كما نرجو.. وكما نرى.
العدد 1143 – 9-5-2023