على الرغم من أهمية قرارات السماح بتصدير المنتجات الزراعية، لجهة تحقيق عائدات بالقطع الأجنبي، و دعم الفلاح وتقليل خساراته التي يصفعه بها الكساد والفائض..إلا أن الجميع لايستطيع إخفاء هواجسه من قرارات السماح بالتصدير، بسبب عدم وضوح المشهد على الأرض، وعدم توفر أرقام دقيقة بخصوص حجم الإنتاج، ثم عدم القدرة على ضبط الكميات الخارجة في حال توفر الطلب في الأسواق، لأن المهربين لا ينتظرون قرارات السماح والمنع عادةً..
بالأمس تم السماح بتصدير البطاطا والثوم أيضاً، وهذا قرار جيد شكلاً، لكن قد يكون بيننا من سيستثمره لإشعال فتيل الأسعار، وبالتالي نقل أزمة المنتج إلى المستهلك هذه المرة.. رغم أن مسؤولين زراعيين أكدوا أن البطاطا المنتجة محلياً في الموسم الحالي غير قابلة للتصدير لأنها سريعة التلف..ولعل ذلك لن ينفع المستهلك فالأسعار سترتفع بالتأكيد، لأن القرار سيستثمر من قبل تجار شطار ينتهزون أي فرصة مهما كانت صغيرة لرفع الأسعار وتحقيق علاوات..
الآن لو سألنا عما لدى وزارة الزراعة من أرقام اعتمدت عليها اللجنة الاقتصادية والحكومة في قرارات السماح
بالتأكيد هناك أرقام، لكن هل هي دقيقة ؟
ألا يخشى من الوقوع في أزمة مشابهة لأزمة البصل، وتبدأ سلسلة التملص من المسؤولية وإلقاء التهمة على المناخ والفلاح والأصناف و غير ذلك من الذرائع؟
كم المساحة التي تم التخطيط لزراعتها بالبطاطا مثلاً..وهل تمت زراعتها تماماً أم أكثر أو أقل..لا نظن أن بين أيدي أي جهة رسمية رقم تستطيع أن تتبناه وتكون مسؤولة عنه..لا بالنسبة للبطاطا ولا الثوم ولا البصل ولا البندورة ولا حتى أعداد الثروة الحيوانية..مشكلة كبيرة بالفعل يمر بها الرقم الإحصائي لدينا في كل القطاعات، لكنها تظهر جلية أكثر في القطاع الزراعي لأنه لصيق بلقمة المواطن وأي خلل في الحسابات وتقديرات الموقف يظهر مباشرة على أطباق المستهلك.
لن ينتظم قطاع الأمن الغذائي للمواطن، إن لم نجيد التخطيط والتنفيذ والمتابعة بمهارات عالية..وغير ذلك سيكون الارتجال هو الحالة الأعمّ، والارتجال لا يصنع تنمية ولا استدامة.
نهى علي