الثورة – ناصر منذر
مع تزايد التحذيرات والمخاوف الأميركية من مغبة دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود قد تستمر بحسب خبراء حوالي خمس سنوات بسبب المبلغ القياسي للدين العام، دخلت المفاوضات الجارية داخل الولايات المتحدة بين الإدارة الديموقراطية وخصومها الجمهوريين مرحلة معقدة، مع تأكيد البيت الأبيض أن شروط الجمهوريين لرفع سقف الدين العام مبالغ بها ولن تنال موافقة الرئيس جو بايدن.
إذ يخوض الديمقراطيون والجمهوريون معركة سياسية عنوانها اقتصادي مرتبط برفع سقف المديونية العامة، من دون أن يظهر إلى الآن في الأفق إمكان التوصل إلى حلّ قبل الأول من حزيران، وهو التاريخ الذي حذّرت وزارة الخزانة الأميركية من أن واشنطن قد تصبح بحلوله غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
ورغم التعقيدات الحاصلة، إلا أن بايدن مازال يبدي تفاؤلا بإمكانية التوصل إلى حل في مهلة تتيح لأكبر اقتصاد في العالم تفادي التخلف عن السداد. حيث قال بايدن للصحافيين اليوم على هامش قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما اليابانية “مازلت أعتقد أننا سنتمكن من تجنّب التخلف عن السداد”. حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب).
وعكس بايدن في تصريحاته للصحافيين، رغبته في استكمال المباحثات، وقال “هذه عملية تفاوض، تتم على مراحل”.
وقد تراجعت الآمال أمس الجمعة بحلّ قريب، مع تأكيد الطرفين أن المفاوضات صعبة، حيث أعلن رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن ماكارثي توقف المفاوضات، قائلا للصحافيين “نعم، يجب أن نتوقف”.
وأتى ذلك بعيد كشف مسؤول في البيت الأبيض وجود خلافات “فعلية بين الأطراف المعنيين بشأن قضايا الميزانية، مشيرا إلى أن المناقشات ستكون صعبة”. إلا أن المباحثات استؤنفت بعد ساعات من ذلك، ما حدا بالمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للتأكيد أن الإدارة الديموقراطية تبقى “متفائلة”، فيما عكس مدير الاتصالات في البيت الأبيض بين لابولت موقفا أقل تفاؤلا.
وقال في بيان صحافي إن “الجمهوريين يأخذون الاقتصاد رهينة ويدفعوننا إلى شفا التخلف عن السداد، ما قد يكلّفنا ملايين الوظائف ويدفع البلاد نحو الركود الاقتصادي بعد عامين من النمو الثابت للوظائف والأجور”.
وإذ أكد أن بايدن لن يقبل طروحات الجمهوريين “المبالغ بها”، شدد على إمكان رسم “مسار للمضي قدما لبلوغ اتفاق من الحزبين إذا عاد الجمهوريين إلى طاولة المفاوضات بحسن نيّة” وفق تعبيره.
ويشترط الجمهوريون الذين يمسكون بالغالبية في مجلس النواب (أحد مجلسَي الكونغرس)، أن يتعهّد بايدن بداية بإجراء تخفيضات كبيرة في الميزانية العامة لكي يوافقوا على رفع سقف الدين. فيما ترى الإدارة الديموقراطية أن الجمهوريين يحوّلون خطوة لطالما كانت روتينية، إلى سلاح سياسي في مواجهة بايدن، وعينهم على الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024.
هذا وتحتاج الحكومة الأميركية لاقتراض المزيد من المال لمواصلة الإنفاق، ما يعني أن رفض الجمهوريين رفع سقف الدين سيحول دون وفائها بالتزاماتها، ما ستكون له تداعيات يرجّح ألا تقتصر مفاعيلها على الولايات المتحدة.
ويرى الجمهوريون أن رفع الدين العام إلى ما فوق 31 تريليون دولار هو إجراء يصعب القبول به، وأنه يجب الاتفاق على إجراء تخفيضات تتيح موازنة أكبر بين الواردات والنفقات، عوضا عن الاكتفاء كل مرة برفع سقف المديونية العامة.
من جهتهم، لا يعارض الديموقراطيون البحث في خفض الميزانية، لكنهم يرفضون جعل رفع سقف الدين رهينة لذلك. ويؤكدون أن الأولوية قبل البحث في أي خطوة هي ضمان قدرة الولايات المتحدةعلى الوفاء بالتزاماتها والحفاظ على مصداقيتها المالية.
ويرى الديموقراطيون أن مطالب الجمهوريين تدفعها أجندة الجناح اليميني المتطرف الذي بات يهيمن على السياسات العامة للحزب.
