الثورة – ديب علي حسن:
لابد للجوهر أن يبقى مشعاً مهما كان ستار الحجب كثيفاً ومهما حاول من يغيظهم إشعاعه أن يطفئوه ..
الجوهر الإنساني ليس معادن مادية على أهميتها بل هو القيم والهوية والإنسانية والانتماء والثقافة والدور الحضاري الذي يؤديه.
وهنا علينا أن نميز بين مفهومين للحضارة أولهما المعنى التقني البحت الذي يشير إلى تطور في الصناعات والبناء والأوابد وغير ذلك لكنه لا يحمل دلالات القيم.
والمعنى الثاني الذي يعطي الحضارة خلودها هو القيم والثقافة والأخلاق والانتماء بهذا المعنى لا جوهر يعلو فوق جوهر الحضارة السورية التي بنت الحجر والإنسان، وأعطت القيم ومدت جسور الفعل إلى العالم كله منذ عشرة آلاف عام وهي تبني وتقدم وتعطي.
لهذا كانت في دائرة الاستهداف دائماً، وكان أعداء الإنسانية يكيدون لها ..ومع كل ما فعلوه لم تتخل عن دورها الإشعاعي في ركب الحضارة والفعل الإنساني من أول حقل زراعة إلى الحرف الأول إلى المدن والأوابد من إيبلا إلى تدمر وأقدم مدن العالم حلب وأعرق عاصمة في التاريخ دمشق.
من هنا كان حديث السيد الرئيس بشار الأسد في استقبال وفود البعثات الأثرية المشاركة في الندوة التي عقدت في المتحف الوطني.
ومن خلال منح العالم باولو ماتييه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة كان الحديث عن سبل إنقاذ العالم من براثن الحروب والجهل والتدمير، فقد أشار السيد الرئيس بشار الأسد إلى أن دور الثقافة هو تغيير العالم نحو الأفضل ومد جسور التفاعل والتواصل الحضاري والقدرة على البناء..
وكم كان الأمر مهماً لو أن الدعم الذي تم توجيهه للإرهابيين والإرهاب كان يصب في دعم الثقافات الإنسانية والتفاعل الحضاري الذي يجب أن يسود العالم.
والانتماء الذي يؤكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد دائماً وأبداً هو انتماء للثقافة الإنسانية انتماء منفتح على مد جسور التواصل والعطاء.
وهذه هوية سورية التي تمثل قلب العالم بين القارات دائماً أعطت وأنجزت وقدمت التضحيات من أجل البشرية كلها.
واليوم ترسم ملامح الخلاص الذي يجب أن يسعى الجميع من أجله إنه العمل الثقافي والقيمي القادر على صون الهويات الأصيلة غير المتعصبة.
الدور ليس للسلاح والحروب أبداً قد تمتلك سلاحاً فتاكاً يدمر ولكن لن تستطيع أن تهزم به إرادة شعب امتلك الهوية والانتماء وتجذر في القدرة على اجتراح الحياة بكل عنفوان ..
مثل هذا الشعب هو الذي يغير العالم بما يزرعه من روح الفداء والعطاء، وهذا ما فعلته سورية فهي المنتصرة بتاريخها وثقافتها وبقوة إيمانها أن القيم الإنسانية هي التي يجب أن تسود في عالم الغد ..ورجال الثقافة والفكر هم من يجب أن يؤدي هذا الدور..
إنها سورية ميراث الثقافة وصانعة جسور العبور نحو الغد ليس لأبنائها وحدهم إنما للعالم كله .. والحقيقة التي تترسخ أن سورية منذورة لتكون الشعلة ولن تنطفىء لأنها نور الإنسانية.