الديوان السوري المفتوح رهان على دور الأدب في التوثيق

الملحق الثقافي- حسن إبراهيم سمعون:              

راودتني الفكرة منذ بداية الأحداث في سورية وكانت الفكرة جواباً لسؤال كيف أخدم وطني سورية فوضعي الصحي لايسمح لي بحمل السلاح … كنت على يقين بأن العمليات العسكرية ستقف يوماً ما .. فالرصاصة تقتل إرهابياً أما الكلمة فتقتل الإرهاب والفكر الداعشي الظلامي لايرد عليه إلا بفكر سوري نير.
طرحت الفكرة على الأصدقاء مشافهة، ومهاتفة، وبصفحات التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) ولاقت استحسان وتشجيع الجميع .. وتطوع منهم كثيرون وقدموا إمكانياتهم، وأنا أنحني أمامهم جميعًا وبعد مشاورات وتراسل مع الجميع تم تشكيل لجان الهيئة المشرفة على الديوان من قامات أدبية عربية ووطنية أحترمها تقوم بالإشراف على كل ما يرد للديوان من قصائد، وتدقيقها وضبطها ومراجعتها قبل نشرها بالديوان وانطلقنا خريف 2013 وربما كان الديوان السوري المفتوح هو أول من طرح مفهوم التوثيق الأدبي في زمن الحرب على سورية.
ولمن يقول بأن التوثيق ليس من مهمة الأدب أقول دعونا نجرّب واحكموا بعد النتائج ولْنرَ هل يوثق الأدب أم لا, ألم توثق “الشاهنامة “جزءاً من تاريخ الفرس، ألم يخلد هوميروس أخيل وهكتور وطروادة، ألم تحفظ المهابهاراتا والرامايانا موروثا للشرق الأقصى، ألم يحفظ شعرنا العربي أيام العرب ومواقعهم .. حتى في السير الشعبية كسيرة الزير وعنترة، وتغريبة بني هلال التي تواترت إلينا حفظاً بالصدور بلغة عامية وسجع ركيك ووو لكنها حفظت لنا ما حفظت ولقد قرأنا الكثير من الآداب العالمية التي تحدثت عن مآسي الشعوب بشكل مترجم – وربما لافنية فيها- ونقلت لنا معاناة تلك الشعوب فديوان الأمم يستمر بالأدب والشعر وربما ما ورد بهذه الملاحم والسير من أحداث تاريخية، تسلل إليها -اعتراضيًا- وليس كحالة تأريخ مقصودة بذاتها من الأديب.
أمّا الديوان السوري المفتوح فهو يختلف بفكرته وغايته عن كل الأنطولوجيات والسير والتراجم التي تجمع وتفهرس وتحلل بعد وفاة الكاتب، أو بعد حدوث الحوادث التي تناولتها بسنوات، أو ربما بقرون..فنحن نكتب للتوثيق.
صحيح بأن الأديب ليس مؤرخاً أو جغرافياً, لكنه يتناول الحالة بعين ثاقبة، وشكل وجداني إنساني، من دون أدلجة أو تسييس، وبالتالي وإن بالغ فهو يبالغ ليقول الحقيقة بشكل أجمل.
زمن الحرب ونحن نعيشها وفي زمن التقانة والتكنولوجيا الرقمية فكيف بالتاريخ الغابر.
فالتوثيق من القيم المضافة التي يتميز بها الديوان، عن غيره، كما ذكرنا سابقًا ..ومن القيمة المضافة أيضًا تشكيل هذه التظاهرة الثقافية، وهذا الحشد الأدبي من السيدات والسادة الأدباء على ساحة الوطن العربي عمومًا وبالمشهد الثقافي السوري خصوصًا، فهذه الأقلام التي تعد بالمئات مابين السادة أعضاء الهيئة المشرفة والسادة المشاركين تعاهدوا وتكاتفوا للنضال بسلاح الكلمة والدفاع عن سورية وهويتها ودورها التاريخي والحضاري، وتمسكها بنهج المقاومة والقضية الفلسطينية التي كانت وستبقى القضية المركزية حتى يعود الحق لأصحابه.
عندما نتخيّل حجم الصعوبة والمعاناة خلال سنوات العمل من التواصل والتعاطي مع مئات الأدباء المختلفي الأمزجة والطبائع والانفعالات والأهواء بوسائل التواصل المتاحة من خليوي وفيسبوك وهاتف أرضي وكانت في البداية على ( نظام الدايل آب والبطاقات قبل بوابات النت ) وسوء الوضع الخدمي كتقنية وكهرباء وعلى أخذ ورد ونقاش وتصويب وشرح ووووو آلاف ساعات العمل برغم وضعي الصحي والمعيشي والمعاناة من أجل الطباعة مع عقلية الموظفين ووجود بعض المُحَبّطين والمستهزئين وذوي الطاقات السلبية ومشاقّ السفر والمشاركات لشرح فكرة الديوان والتسويق لها وما سببته هذه الإرهاصات من ضغوط نفسية وصحية ( تعرضت خلالها لأزمات قلبية نتج عنها تركيب 12 شبكة في القلب ) أضف إلى ذلك الجو العام وهذه الحرب المجنونة والدم والبارود والركام ووجود من راهن على الدولة وسقوطها.
فمنذ بداية الأحداث راهنت على انتصار العقل السوري وبعضهم كان يسخر مني ويدعوني إلى عدم المتابعة خشية من مرحلة مابعد الدولة ومنهم من هددني وأهدر دمي واتهمني بأنني بوق للنظام ومنهم من تعرض لي وووو فحالة المعاناة هذه شكلت جوّاً غير مثالي وغير مترف لتبلور حالة أدبية وفق ما يجب أن يكون في حالة الاستقرار والسلم فمشروع الديوان نشأ وجهز وجمع وطبع ووزّع داخل سورية وخارجها في حالة من اللا استقرار والحرب وويلاتها وغير خصبة للأدب عموماً.
فما يحصل في وطني من حرب ودمار وقتل لايشكل ظرفاً ملائماً وبيئة مناسبة لإنتاج مشاريع أدبية، على كافة المستويات وربما تصبح ضرباً من الترف أمام الدم والقتل والدمار..
وأخيرا أتمنّى أن لاينظر للديوان ككتاب منتج بل كتجربة مشروع وطني قابل للتطوير وأستطيع القول: إن الديوان السوري المفتوح ربما هو العمل الأدبي الوحيد بفرادته كتشكيل وبناء…فأنْ يكتبَ ويشاركَ مئات الأدباء والكتّاب ومن مختلف الجنسيّات والملل والنحل والمشارب وأصقاع الأرض، في خمسة أجناس أدبية مختلفة حول موضوع واحد وفكرة واحدة (سورية ) وبرؤية جمعية واحدة في فترة زمنية واحدة غير مستقرة ولا تشكل الظرف المثالي للإبداع والكتابة لعمري هو ظاهرة وتظاهرة فريدة ويشرفني أن أدعو من منبرصحيفة الثورة الموقرة الجميع للمشاركة بالجزء الثالث وللجميع فائق المحبة والتقدير.
        

العدد 1147 –  13-6-2023

آخر الأخبار
هل تُواجه إيران مصير أوكرانيا؟ نمذجة معلومات البناء(BIM) في عمليات إعادة إعمار سوريا "رؤية حوران 2040".. حوار الواقع والرؤية والتحديات مصادرة أسلحة في الصنمين مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة