الثورة – ديب علي حسن:
كان ذلك في الأول من تموز عام ١٩٦٣ حين صدر العدد الأول من صحيفة الثورة عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ..
وها قد مضى ستون عاماً بالتمام والكمال ..فهل يحق لنا اليوم أن نقف على تخومها ونلقي نظرة على ما كانت تحمل في طياتها الكثير من الرضى وربما الأكثر من عدمه عند غيرنا ..ولكننا نحن من يعمل فيها ربما تغلبنا مقولة (عين الرضى عن كل منقصة غضيضة ..أو لا أحد يرى زيته العكر..).
بكل الأحوال التقويم والتقييم المنطقيان يجب أن يكونا بعين محايدة وفاحصة لسنا نحن أصحابها وإن كنا نعرف الكثير مما لنا وما علينا.
حبر صحيفة الثورة وما صدر عنها من صحف فرعية في المحافظات وملاحق شهدت تطورات كبيرة في الشكل الفني والمضمون وتأسيساً على أن الصحيفة يجب أن تواكب البناء الداخلي في سورية.
وبالتالي كانت الراصد والموثق لكل التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافة وحتى السياسي ..ومن يقلب أعدادها يجد أن التطور الاقتصادي الذي شهدته سورية ولاسيما بعد عام ١٩٧٠ م قد ملأ الصفحات ولاسيما متابعة ورصد المشاريع الكبرى في الزراعة والصناعة ..وانطلاق مرحلة الاكتفاء الذاتي.
ويجب الإشارة إلى أن ذلك لم يكن يعني غض النظر عما يعتري العمل من نواقص وعثرات يجب الإشارة إليها وتحت سقف المسؤولية الوطنية ..
فكانت الرقابة الشعبية التي شكلت ظاهرة في الصحافة ويمكن القول بكل ثقة إن مقولة كل مواطن الآن هو إعلامي أو رقيب قد تحققت حينها صحيح أن كثيراً من المنغصات قد أصابت التجربة ولكن هذه طبيعة اي عمل.
ومن تجاربها المهمة أيضاً صدور ملحقها الثقافي عام ١٩٧٦ م وقد شكل علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي، ويكفي أن تشير إلى الأسماء المهمة التي كانت تشارك فيه من ..أدونيس إلى محمد عمران وعلي الجندي ونجاح العطار وبدوي الجبل ونزار قباني وانطون مقدسي وأسعد علي ولؤي كيالي وسعيد حورانية وغيرهم كثيرون ممن لا يتسع المجال لذكرهم.
وغدت المؤسسة مدرسة في الصحافة المكتوبة في المجالات كافة ولاسيما الثقافي ..( ..يوسف المحمود ..حسن قطريب..صلاح الدين الزعبلاوي …حيدر علي ..ممدوح عدوان..محمد مصطفى درويش ..معين بسيسو ..نهلة كامل …سعد القاسم ..هاني الخير ..إبراهيم الجرادي …محمد قاسم الخليل..أحمد بوبس ..ديانا جبور ..مفيد خنسة ..وليم مسوح ..محمد محلا ..جلال خيربك …ومن قبلهم نصر شمالي وجلال فاروق الشريف ونصر الدين البحرة وعادل أبو شنب ..الخ..).
وفي الاقتصاد لايمكن العبور دون ذكر أسعد عبود وعبد الحميد سليمان وآخرين..
أجيال من المؤسسين والمتابعين قدمت تجربتها وأعطت الكثير واستطاعت أن تواكب المتغيرات وظل الحبر أخضر مغمساً بهموم الوطن وقضاياه ..
واليوم مع كل ما جرى من متغيرات في الإعلام وتقنياته مازال العمل مستمراً واكبنا الكثير مما كان وشعارنا حبرنا دمنا ..وارتقى أول شهيد من الإعلام السوري منها الزميل الراحل شكري أبو البرغل وآخرون أيضاً ..
التحديات كبيرة بعضها ذاتي يمكن العمل على تجاوزه وآخر موضوعي خارج عن القدرة على التجاوز إلى حين من الزمن ولكن هذا لا يعني أن عين الرضى لا ترى ما علينا ..بل تراه وتعمل لتجاوزه ..
ستون عاماً من العمل من الأمل والمتابعة ليست تجربة قصيرة، وليست كلها وروداً ورياحين، ولكنها تحت سقف الوطن وبوصلته.