لم نخرج بإحصاء قيمة الخسائر التي تكبدناها بعد كل حريق حراجي من الحرائق التي بات لها مواسمها السنوية في غاباتنا وأراضينا الحراجية والزراعية.
ولو فعلنا بحسابات دقيقة مباشرة وغير مباشرة لكانت الأرقام كافية لإعادة الحسابات في وسائل وتشريعات حماية الغابات التي نتحدث دوماً عن أنها “ثروة”.
هيئة تطوير الغاب دفعت بظنونها – وقد يكون لديها معلومات – بأن الحرائق هناك كانت بفعل فاعل، لكن النتيجة واحدة فيما يتعلق بما أتت عليه ألسنة اللهب.
تكرار الحرائق والخسارات المتوالية سنوياً بأرقام باهظة، تستدعي بكل تأكيد العمل على منظومة متكاملة لحماية الغابات والأراضي الحراجية، من التشريعات إلى الكوادر البشرية “حراسة” وصولاً إلى معدات الإطفاء وأنظمة الإنذار المبكر، ومهما بلغت التكاليف لن توازي ما نخسره من تدهور طبيعي وبيئي بسبب الحرائق التي لا تستثني غالباً بساتين وبيوت الفلاحين.. أي ممتلكات وتهديد للأرواح أحياناً.
المعنيون في مديرية الحراج المركزية ودوائرها في المحافظات والمناطق، لم يترددوا سنوياً بإطلاق العنان للتطمينات بأن جهوزيتهم عالية واستعداداتهم تامة، لتلبية طوارئ موسم الحرائق، وعندما ينشب حريق يبدأ الصراخ وطلب المؤازرة، ويتدخل الطيران أحياناً للمساعدة في الإطفاء، ويعودون لتكرار ذات المبررات التي يرددونها سنوياً.. نقص كوادر ونقص معدات وعدم كفاية عدد سيارات الإطفاء، إضافة إلى صعوبة الوصول بسبب وعورة المنطقة.. وسلسلة طويلة من المبررات حفظناها جميعاً..
ليبقى السؤال عن أي جاهزية يتحدث “حراجيو” وزارة الزراعة؟؟
لا بأس المبررات موضوعية وواقعية، لكن كان يجب الحديث عنها منذ البداية، بدلاً من الاستعراض بالحديث عن الجهوزية.
الآن يبدو أننا بحاجة إلى وقفة وإعادة حسابات للاستفادة من الدروس والأخطاء التي تتكرر نتائجها سنوياً.
نحن بحاجة إلى زيادة عدد المخافر الحراجية لتكون الغابة مكاناً محرّماً على العابثين، وبحاجة إلى تكثيف خطوط النيران، وخارطة جديدة للطرقات التي تتيح وصول سيارات الإطفاء إلى أكثر المناطق وعورة حتى.
والأهم أنه بات علينا التفكير بتوطين طائرات مخصصة لإطفاء الحرائق.
والأهم الأهم أن يكف القائمون على “مصلحة الحراج” عن استعراض جهوزيتهم التي يعلم الجميع أنها موضع شك وريبة.